الأزهر يحذر من لعبة روبلوكس Roblox

في العقود الأخيرة، شهد العالم ثورة رقمية غيرت ملامح الترفيه والتواصل، وكان من أبرز مظاهرها الانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية، هذه الألعاب لم تعد مجرد وسيلة للتسلية أو تمضية الوقت كما كان يُنظر إليها في بداياتها، بل تحولت إلى عوالم افتراضية ضخمة يعيش داخلها ملايين الأطفال والمراهقين يوميًا، يتفاعلون فيها ويتواصلون كما لو كانت بديلًا عن الواقع الحقيقي، هذا التحول جعلها محل نقاش وجدل واسع بين الخبراء والتربويين وأولياء الأمور، خاصة لما تحمله من آثار مباشرة على سلوكيات الناشئة وقيمهم.
لعبة روبلوكس Roblox
وفي هذا السياق، حذّر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خطورة بعض الألعاب الإلكترونية التي تستهلك وقت الشباب وتسرق أعمارهم، إذ تحبسهم داخل فضاءات رقمية مليئة بالمخاطر الفكرية والسلوكية، وأوضح المركز أن بعض هذه الألعاب قد تساهم في تنمية سلوكيات عنيفة لدى الأطفال والمراهقين، وتعرضهم لمشكلات نفسية وأسرية واجتماعية جسيمة قد تلازمهم لسنوات طويلة.
ومن أبرز الأمثلة التي أشار إليها المركز لعبة “روبلوكس” (Roblox)، التي حققت انتشارًا عالميًا هائلًا حتى دفعت بعض الدول إلى اتخاذ قرار بحظرها حماية لصغارها. فهذه المنصة ليست مجرد لعبة تقليدية، بل تعد بمثابة عالم مفتوح يتيح لمستخدميه تصميم ألعاب وتجارب خاصة بهم، أو الدخول إلى ألعاب أنشأها الآخرون، مما يمنحها طابعًا اجتماعيًا شبيهًا بشبكات التواصل الاجتماعي.
هذا الطابع المنفتح جعلها عرضة للكثير من الانتقادات، إذ يرى الخبراء أن طبيعتها المفتوحة قد تعرض الأطفال لمحتويات غير مناسبة، مثل مشاهد العنف والإيحاءات غير الأخلاقية، فضلًا عن مخاطر الاستغلال عبر خاصية المحادثات المفتوحة. كما أن الانغماس المفرط في هذه اللعبة يترتب عليه إدمان اللعب، وإهدار ساعات طويلة من اليوم، بالإضافة إلى الإنفاق المالي المبالغ فيه لشراء عملتها الافتراضية المعروفة باسم “Robux”.
ولم تقف المخاوف عند الجوانب التربوية والأخلاقية فحسب، بل وصلت إلى المحاكم، حيث واجهت الشركة المالكة للعبة دعاوى قضائية في الولايات المتحدة. ومن أبرزها الدعوى التي رفعتها المدعية العامة لولاية لويزيانا، متهمة المنصة بأنها بيئة خصبة للبعض الاشخاص السيئين الذين يختبئون خلف شخصيات كرتونية بريئة، وفي المقابل، تؤكد الشركة أنها تنفق موارد ضخمة لتطوير تقنيات الرصد والرقابة بهدف الحد من أي سلوكيات غير لائقة وضمان بيئة أكثر أمانًا لمستخدميها.
ومع ذلك، تتصاعد المطالبات بضرورة فرض رقابة أشد وتشريعات أكثر صرامة على مثل هذه الألعاب، إذ يرى بعض النواب الأمريكيين أن ما يجري داخل هذه المنصات الرقمية قد لا يبقى حبيس الشاشات، بل ينعكس على أرض الواقع ويؤثر على المجتمع ككل. لذلك يدعون إلى سن قوانين تُعامل الألعاب الإلكترونية بنفس القدر من التشدد والرقابة الذي تخضع له شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي ضوء هذه التطورات، شدّد الأزهر على أن كل لعبة إلكترونية تشتمل على محتوى يحض على العنف أو الكراهية أو الإساءة إلى الدين ومقدساته، أو تهدد سلامة الأبناء نفسيًا وجسديًا، هي ألعاب محرّمة شرعًا. كما دعا الأسر إلى اليقظة والمتابعة المستمرة لما يقضي فيه الأبناء أوقاتهم في العالم الافتراضي، حتى لا تنعكس هذه المخاطر الرقمية على واقع حياتهم اليومية.