«خامنئي» يسارع بتعيين قيادات جديدة.. ماذا بعد محاولة تفريغ قمة الهرم العسكري الإيراني؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

مع تواصل الغارات الجوية بين إسرائيل وإيران، يطرح سؤال جوهريٌّ نفسه على المشهد العام: كيف سيؤثر مصرع قيادات إيرانية بارزة على قدرة القوات المسلحة والحرس الثوري في إدارة المواجهة الحالية، وحفظ التماسك الميداني والاستراتيجي؟

هذا التساؤل يزداد إلحاحًا في ظل واقعٍ ميدانيٍّ بالغِ التعقيد، لاسيما أن إسرائيل، وهي توجّه واحدة من أعنف ضرباتها الجوية منذ نشأتها، لم تكتفِ باستهداف البنية العسكرية الإيرانية، بل شملت: مراكز قيادة استراتيجية، ومنشآت صاروخية وباليستية، ومواقع تابعة للحرس الثوري.

ولم يتوقف التصعيد عند هذا الحد، بل تجاوزه نحو محاولةٍ ممنهجةٍ لتفريغ قمة الهرم العسكري الإيراني، عبر تصفية عددٍ كبيرٍ من القادة البارزين في الجيش والحرس الثوري، في ما يبدو أنه مسعى مباشر لإرباك سلسلة القيادة وتعطيل منظومة اتخاذ القرار داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية.

الأذرع.. والرأس:

إسرائيل لا تكتفي، حتى الآن، بضرب المنشآت النووية في إيران، بل توسّع عملياتها لتشمل أيضًا استهداف قادة عسكريين، وعلماء، ومسئولين مرتبطين بالبرنامج النووي، وهذه السياسة تشبه إلى حدٍّ كبير ما قامت به سابقًا ضد حزب الله في لبنان.

ففي التجربة اللبنانية، بدأت إسرائيل باستهداف قيادات الحزب خلال اجتماع مغلق، ثم نفّذت هجومًا سيبرانيًّا على وسائل الاتصال، قبل أن تنتقل لمحاولة استهداف رأس الهرم القيادي نفسه، حسن نصر الله، تلاه هاشم صفي الدين.

هذه المراحل المتتالية تعكس نمطًا واضحًا في التخطيط والتنفيذ. ولم يُخفِ وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، هذه الاستراتيجية عندما أعلن أن الهدف التالي هو المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه: «بعد ضرب الأذرع، ننتقل الآن إلى الرأس».

لكن هناك فرقًا أساسيًّا في طريقة التنفيذ، ففي لبنان جاءت الضربات متفرقة وعلى مراحل زمنية متباعدة، بينما في إيران تتمّ العمليات بشكل متزامن وفي توقيت واحد، ما يشير إلى تصعيد أسرع واستراتيجية أكثر ضغطًا.

رأس القيادة:

الضربة الإسرائيلية التي جاءت بعد أشهر من التوتر الإقليمي، وتكرار الهجمات المحدودة بين الطرفين، استهدفت هذه المرة مركز الثقل في القيادة والسيطرة، عبر ما وصفته دوائر استخباراتية غربية بـ«عملية شلّ الأعصاب المركزية للمؤسسة العسكرية الإيرانية».

استهداف رأس البنية القيادية لمنظومة الدفاع والهجوم في إيران يُشكّل تطورًا خطيرًا وغير مسبوق في طبيعة المواجهة مع إسرائيل، من واقع قائمة القيادات العسكرية ذات الأدوار المحورية في منظومة اتخاذ القرار الأمني والعسكري.

في مقدمة هذه القائمة يأتي الجنرال محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وهو المسؤول الأعلى عن التنسيق بين مختلف أفرع الجيش الإيراني، والجنرال حسين سلامي، الذي يشغل منصب قائد الحرس الثوري الإيراني، كجهاز عسكري يتمتع بنفوذ واسع داخل إيران وخارجها.

كما تشمل القائمة الجنرال غلام علي راشد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، الذي يُعد من أهم مراكز القيادة العملياتية، ويتولى تنسيق العمليات الكبرى المرتبطة بالدفاع الإقليمي.

وتكتمل القائمة بعلي شمخاني، المستشار الأعلى للمرشد الإيراني، والذي يُعرف بتأثيره الواسع في صياغة السياسات الاستراتيجية العليا، سواء في المجالات الأمنية أو السياسية، وأمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجو- فضائية، أحد أبرز مهندسي الاستراتيجية الصاروخية الإيرانية.

وتضم القائمة مهدي ربّاني، نائب عمليات الأركان، ودافود شيخيّان، قائد الدفاع الجوي المركزي، وطاهر بور، قائد وحدة الطائرات المسيّرة، وغيرهم، في محاولة لتفريغ مركز القيادة من الخبرات العسكرية التخصصية في توقيت بالغ الحساسية.

محاولة إرباك:

سقوط هذا العدد من كبار القادة العسكريين كان محاولة إسرائيلية لإرباك البنية القيادية العليا للمؤسسة العسكرية الإيرانية، خاصة أن من بينهم أهم العقول الاستراتيجية في منظومات الصواريخ والدفاع الجوي، ما يشكّل ضربة موجعة لجهاز القيادة والسيطرة.

هذا الفراغ المفاجئ أثّر على إيقاع القرار العملياتي، وأدخل المؤسسة العسكرية في مرحلة انتقالية حرجة تتطلب إعادة تموضع وتوزيعًا للمهام على نحوٍ عاجل، دون الإخلال بجاهزية القوات الميدانية، قبل أن تتمالك القيادة الإيرانية نفسها سريعًا.

في أعقاب الضربة، سادت حالة من التوتر والتضارب داخل المنظومة العسكرية الإيرانية. وبحسب مصادر صحفية غربية، توقّفت الاتصالات بين وحدات عدة لما يقارب أربع ساعات، وسط ارتباك في إصدار الأوامر.

وكان هذا نتيجة طبيعية لفقدان الطبقة القيادية الأولى، التي تُدير ملفات معقدة تمتد من العمليات العسكرية في الداخل والخارج، خاصة البرنامج الصاروخي والطائرات المسيّرة، وتحديدًا الحرس الثوري الإيراني عماد قوة الردع، عبر قواته البرية والبحرية والجوفضائية.

وبعد ساعات، بدأت إيران بالفعل خطوات سريعة في إعادة الهيكلة، إذ أعلن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، في اليوم الثاني للهجوم الإسرائيلي، عن تعيين قادة جدد لملء الفراغ الذي خلّفه الهجوم، لإعادة تثبيت الهرم القيادي ومواجهة التحديات العسكرية والأمنية.

ملء الفراغ:

وبادر المرشد الإيراني، علي خامنئي، بتعيين اللواء محمد باكبور قائدًا عامًا للحرس الثوري الإيراني، وهو أحد أبرز القادة الميدانيين، كما تولّى اللواء علي شادماني قيادة مقر خاتم الأنبياء المركزي، أحد أهم مراكز القيادة، حيث يُشرف على التخطيط والتنسيق للعمليات العسكرية الكبرى.

وعُيِّن اللواء عبد الرحيم موسوي رئيسًا لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وهو قائد سابق للجيش الإيراني، ويمتلك خبرة واسعة في التنسيق بين مختلف الأفرع العسكرية، أما منصب القائد العام للجيش الإيراني فقد أُسنِد إلى أمير حاتمي، وزير الدفاع الأسبق.

وسارعت القيادة العسكرية الجديدة في إيران بالردّ العسكري، عبر دفعات متتالية من الصواريخ الباليستية والمسيّرات باتجاه إسرائيل، اعترضت منظومة القبة الحديدية بعضها، بينما أصاب بعضها الآخر أهدافًا عدة، كخطوة رمزية لاستعادة الروح المعنوية.

هذا الرد المباشر من الأراضي الإيرانية على تل أبيب، دون وسطاء أو واجهات، يُمثل نقلة نوعية في قواعد الاشتباك بين الطرفين، بعدما كانت إيران تعتمد قبل شهور على وكلائها في الإقليم، سواء في العراق أو سوريا أو عبر حزب الله.

التحدي الأكبر:

لكن حتى مع هذا الرد، يبقى التحدي الأكبر أمام إيران هو استعادة بنيتها القيادية، وإعادة توزيع المهام في ظل فقدان قادة خاضوا أكثر من عقدين في الملفات الحساسة، من الصواريخ إلى الطائرات المسيّرة، ومن العمليات الخاصة إلى إدارة الميليشيات العابرة للحدود.

اغتيال كبار القادة العسكريين الإيرانيين أعطى طهران المبرر السياسي والميداني لتوسيع بنك أهدافها. الرد الصاروخي الأخير ليس سوى البداية، بحسب ما ألمح إليه رئيس الأركان الجديد، عبد الرحيم موسوي، في تصريح مقتضب أكد فيه أن «الرد لم ينتهِ، وكل ما حدث رسائل مدروسة».

إن اغتيال القادة العسكريين الإيرانيين أحدث زلزالًا داخل المؤسسة العسكرية في طهران، لكنه لم يُسقط قدرتها على الرد.المشهد الآن أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، والسؤال المحوري لم يعد حول ما إذا كانت المواجهة ستتوسع، بل حول كيف ومتى وبأي أدوات.

السؤال الآخر: هل يتخلى النظام الإيراني عن طبيعته التي تربط تصعيد القادة بشروط ومواصفات أيديولوجية وسياسية قبل الكفاءة العسكرية؟ وهل ستكون أولويات إيران في إعادة بناء القيادة العسكرية إعادة النظر في الإرث المستمر منذ ثورة الخميني عام 1979؟

اقرأ أيضاً
لحظة قصف مبنى الإذاعة والتليفزيون الإيراني | فيديو

مدير مركز الفكر ديبلو هاوس الإيراني: إيران لن تستسلم ولا اتفاق بعد الآن

رئيس وزراء العراق: الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى توسيع رقعة الحرب بالمنطقة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق