شهدت محافظتا بيت لحم والخليل في الضفة الغربية، فجر اليوم السبت الموافق 19 أبريل 2025، حملة عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، تخللتها اقتحامات لعدة بلدات ومخيمات فلسطينية، أسفرت عن اعتقال العشرات من المواطنين، وسط مواجهات عنيفة استخدمت فيها قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت.

وقد طالت الاقتحامات مدنًا وبلدات عدة، من بينها بيت لحم، وبيت جالا، والدوحة، والخضر، وبيت فجار، وجبل الموالح، بالإضافة إلى بلدات تقوع وسعير وإذنا ومخيم الفوار في محافظة الخليل، مما يعكس تصعيدًا واضحًا في سياسة الاحتلال تجاه مناطق جنوب الضفة الغربية.

مواجهات في تقوع ومداهمات في بيت لحم

في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، اندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، التي أطلقت وابلًا من قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

وأفادت مصادر محلية بأن القوات الإسرائيلية اقتحمت البلدة في ساعات الصباح الأولى، ما دفع الشبان للخروج في احتجاجات غاضبة تطورت إلى مواجهات استمرت لعدة ساعات.

كما داهمت قوات الاحتلال مدينة بيت لحم وبلدات بيت جالا والدوحة والخضر وبيت فجار، حيث اقتحمت منازل المواطنين وفتشتها، مخلفةً حالة من الذعر بين السكان، خاصة الأطفال والنساء.

حملة اعتقالات شرسة في الخليل

في محافظة الخليل، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية موسعة استهدفت بشكل خاص مخيم الفوار جنوب المدينة. ورافقت القوات العسكرية جرافة ضخمة استخدمت لفتح طرقات داخل المخيم، وسط إطلاق مكثف لقنابل الصوت والإنارة، مما أدى إلى حالة من التوتر الشديد في صفوف السكان.

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 30 فلسطينيًا خلال المداهمات، حيث جرت الاعتقالات بعد تفتيش عنيف لمنازل المواطنين وتخريب محتوياتها. 

كما اقتحمت القوات بلدتي إذنا وسعير في الخليل، وسيرت دورياتها العسكرية في شوارع البلدتين، وسط مداهمات طالت العديد من المنازل.

حماية للمستوطنين في جبل العرمة

في سياق متصل، وفي خطوة تصعيدية أخرى، اقتحم عشرات المستوطنين صباح يوم الجمعة "جبل العرمة" الأثري الواقع شرق بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس، وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال.

وأشارت مصادر محلية إلى أن المستوطنين انتشروا على قمة الجبل وفي محيطه، وقام بعضهم باقتحام غرف مملوكة لمواطنين فلسطينيين من البلدة، في محاولة متكررة للسيطرة على المنطقة ذات الرمزية التاريخية والوطنية.

ويعد جبل العرمة من أبرز المعالم الطبيعية والأثرية في المنطقة، وشهد خلال الأعوام الأخيرة مواجهات عديدة بين أهالي بلدة بيتا وقوات الاحتلال، في إطار تصدي الأهالي لمحاولات المستوطنين المتكررة للسيطرة على الجبل.

اعتقال طفل فلسطيني في الخليل يثير غضبًا واسعًا

في مشهد أثار موجة من الغضب عبر منصات التواصل الاجتماعي، تداول ناشطون صورة لجندي إسرائيلي وهو يعتقل طفلًا فلسطينيًا في مدينة الخليل، بعد أن اتهم بإلقاء الحجارة أثناء زيارة لمجموعة من اليهود المتدينين (الحريديم) لمقام "عتنائيل بن قيناز" في المدينة.

وأظهرت الصور الجندي وهو يقيد الطفل وسط حالة من الذعر والارتباك، ما أعاد إلى الواجهة قضية اعتقال الأطفال الفلسطينيين التي لطالما نددت بها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، معتبرة أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل.

تصعيد ميداني يهدد بتفجر الأوضاع

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الضفة الغربية حالة من التوتر المتصاعد، وسط تحذيرات من تفجر الأوضاع الميدانية بفعل سياسة الاحتلال القائمة على الاقتحامات اليومية والاعتقالات العشوائية، إلى جانب تسهيل اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم.

ويرى مراقبون أن تزايد وتيرة الاقتحامات في جنوب الضفة الغربية، وخاصة في بيت لحم والخليل، يشير إلى نية الاحتلال فرض مزيد من الضغوط على السكان الفلسطينيين، في وقت تشهد فيه الأراضي المحتلة موجة احتجاجات متصاعدة رفضًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

دعوات دولية لوقف الانتهاكات

من جانبها، طالبت مؤسسات حقوقية دولية بفتح تحقيق عاجل في انتهاكات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، خاصة في ظل توثيق حالات اعتقال تعسفي واستخدام مفرط للقوة خلال الاقتحامات، وهو ما يخالف القانون الدولي الإنساني.

ودعت هذه المؤسسات المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف الانتهاكات المستمرة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في المناطق المصنفة (أ) و(ب) التي من المفترض أن تخضع للسيطرة الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو.