عاجل

بين رماد غزة وصفقة ترامب.. هل آن أوان الخديعة الكبرى؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

زار دونالد ترامب هذا الأسبوع الخليج العربي، في أولى محطاته الخارجية بعد عودته المثيرة إلى البيت الأبيض، لم تكن الزيارة بروتوكولية، بل تحمل في طياتها رائحة مشروع قديم يُبعث من تحت الركام. نعم، إنها "صفقة القرن" تعود من جديد، لا كحبر على ورق، بل كواقع تُهيأ له الأرض، بالأشلاء والصمت والتطبيع المتسارع.

هذه المرة، لا يطرح ترامب الخطة كرؤية مستقبلية، بل كحل عملي لما يعتبره "أزمة إنسانية مستمرة" في غزة، وكأن الحرب التي مضى عليها أكثر من عام قد أعدّت المسرح لما هو آت.

لقد تغيّر كل شيء منذ إعلان الخطة في يناير 2020: انهارت جبهة المقاومة، خفت صوت حزب الله، انكفأ النظام السوري، وتراجع الدور الإيراني والروسي في الميدان. أما غزة، فغدت أنقاضًا فوق أنقاض، تُبكى بلا صدى.

من على منصات الخليج، بدا ترامب واثقًا أكثر من أي وقت مضى، تحدث عن "فرصة أخيرة للسلام"، عن "تفاهمات تاريخية" مع شركاء جدد في المنطقة، وعن ضرورة "أن يتحمل العرب مسؤولياتهم تجاه الفلسطينيين"، بدا كأنه يُدخل القضية في غرفة إنعاش أمريكية، ويطلب من الحلفاء تمويل عملية الإنقاذ وفق شروطه.

في العلن، لا يزال بعض القادة يتمسكون بحل الدولتين، لكن خلف الأبواب، هناك حديث مختلف: إعادة الإعمار مقابل القبول بالأمر الواقع. ممر بحري هنا، منطقة عازلة هناك، توسيع دائرة السلام الإبراهيمي، دون أن يُسأل الفلسطينيون عن رأيهم، كما لو أنهم تفصيل فائض في خرائط تُرسم عنهم.

من القدس إلى رفح، تتغير الجغرافيا، والحق يُختزل تدريجياً في منح إنسانية مؤقتة.

صفقة ترامب تعود، لكنها هذه المرة تستند إلى معادلة جديدة: «أرض محروقة + واقع سياسي مهزوم = فرصة لتصفية القضية بأقل مقاومة ممكنة».

اليوم، لا تعود صفقة ترامب بوجهها القديم فحسب، بل بملامح أكثر وقاحة: مشروع تهجير جماعي لسكان غزة، بإغراءات المال أو تحت ضغط الجوع والدمار، وتفريغ القطاع من أهله تدريجيًا. تُطرح سيناريوهات عن إعادة توطين في سيناء أو في دول الجوار، فيما يُسوّق لمخطط تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، واجهة استثمارية مفتوحة لرؤوس الأموال الأمريكية والخليجية، ومنطقة عازلة لضمان أمن إسرائيل لعقود قادمة.

لم يعد الأمر مجرد "صفقة"، بل هندسة جغرافية وديموغرافية، تسعى لتغيير هوية الأرض، وطمس الذاكرة، وتحويل الكارثة إلى فرصة اقتصادية لمن لا يرون في غزة سوى موقعًا استراتيجيًا بلا شعب.

هكذا تُختم المأساة بمفردات براقة: تنمية، سلام، استقرار، لكنها في حقيقتها ليست إلا غلافًا جديدًا لنكبة متجددة، تُكتب هذه المرة بأقلام أمريكية، وبصمت عربي، وبدماء فلسطينية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق