"تُتيح لإسرائيل استخدام الغذاء كسلاح".. لماذا ترفض منظمات الإغاثة خطة المساعدات الجديدة لغزة؟ - اخبار الكويت

0 تعليق ارسل طباعة
تم النشر في: 

27 مايو 2025, 8:04 صباحاً

تستعد مؤسسة غزة الإنسانية، وهي كيانٌ مدعومٌ أمريكيًا وإسرائيليًا، لإطلاق عملياتها قريبًا بهدف إعادة هيكلة نظام توزيع المساعدات في قطاع غزة الذي مزقته الحرب منذ أكتوبر 2023، وتهدف هذه الخطوة إلى انتزاع مهمة توزيع الإغاثة من المنظمات التي تقودها الأمم المتحدة، التي نفّذت عمليات واسعة النطاق لإيصال الغذاء والدواء والمأوى، لكن هذه الخطة الجديدة، التي تقصر توزيع الغذاء على مراكز محدودة ومحروسة قرب مواقع عسكرية إسرائيلية، قُوبلت بمعارضة شديدة من الأمم المتحدة وأغلبية المنظمات الإنسانية، التي تخشى من تسييس المساعدات وتفاقم الأزمة الإنسانية، وذلك على الرغم من إعلان المؤسسة عزمها الوصول إلى أكثر من مليون فلسطيني خلال أيام.

إصرار وتحديات

وأكّدت مؤسسة غزة الإنسانية في بيانٍ حديثٍ عزمها المُضي قدماً في خطتها، مشيرة إلى أن شاحناتها "محمّلة وجاهزة للانطلاق"، متعهدة بعدم الرضوخ للمعوقات، يأتي هذا الإصرار رغم الاستقالة المفاجئة لمديرها التنفيذي، جيك وود، الأمريكي الذي قاد المبادرة، والذي برّر استقالته بخشيته من عدم السماح للمنظمة بالعمل باستقلالية تامة، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".

تُعد هذه المؤسسة حجر الزاوية في نظام إغاثي جديد تطالب به إسرائيل، متهمةً حركة حماس بالاستيلاء على المساعدات، وهو اتهامٌ تنفيه الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، التي تؤكّد عدم وجود تحويل كبير للمساعدات، وهذه المنظمات ترفض الآلية الجديدة بشكلٍ قاطع، معتبرة أنها تمنح إسرائيل أداة لاستخدام الغذاء كسلاح، وتنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية، فضلاً عن عدم فعاليتها المتوقعة في ظل الأوضاع الراهنة، خاصة بعد أن منعت إسرائيل دخول الإمدادات الحيوية لغزة قرابة ثلاثة أشهر، مما دفع القطاع نحو مجاعة وشيكة قبل السماح بدخول كميات محدودة أخيرًا.

غموض وتساؤلات

ظهرت مؤسسة غزة الإنسانية إلى العلن مطلع العام الجاري، ويقودها مزيجٌ من المتعاقدين الأمنيين الأمريكيين، وضباط عسكريين سابقين، ومسؤولين في قطاع الإغاثة، وتحظى بدعم واضح من إسرائيل والولايات المتحدة.

حتى استقالته، كان جيك وود، وهو جندي أمريكي سابق ومؤسس مشارك لمجموعة "فريق روبيكون" للإغاثة من الكوارث، هو الواجهة الإعلامية للمؤسسة، تاركًا فراغًا في قيادتها الحالية غير الواضحة المعالم.

ويحيط الغموض أيضًا بمصادر تمويل المؤسسة؛ فبينما تدّعي حصولها على التزامات بأكثر من 100 مليون دولار من حكومة أوروبية لم تسمها، نفى كلٌّ من الولايات المتحدة وإسرائيل تقديم أي تمويل مباشر لها، وتضمن مقترح سابق للمؤسسة أسماء بارزة، من بينها ديفيد بيزلي؛ المدير السابق لبرنامج الأغذية العالمي، دون تأكيد رسمي لمشاركته.

آلية وتوزيع

وتتطابق خطة المؤسسة، القائمة على مراكز توزيع مركزية، مع التصورات الإسرائيلية، وتفيد بأن مراكزها الأربعة الأولية سيخدم كل منها نحو 300 ألف شخص، مع طموحٍ لتلبية احتياجات مليونَي شخص لاحقًا عبر إنشاء مزيدٍ من المراكز، بما في ذلك في شمال القطاع، خلال 30 يومًا، دون تحديد دقيق لمواقعها، وسيتم نقل المساعدات عبر متعاقدين من الباطن بمركبات مصفحة إلى المراكز، مع توفير حراسة أمنية خاصة لمنع استيلاء العصابات أو المسلحين عليها.

وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة في 10 مايو ما يبدو أنه أعمال بناء لهذه المراكز، أحدها قرب ممر نتساريم بوسط غزة، وثلاثة أخرى في منطقة رفح جنوب ممر موراج، وكلاهما تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، ويتركز معظم سكان غزة حاليًا في الشمال أو الوسط، بعيدًا عن هذه المراكز الأولية، مما يستدعي عبورهم خطوطًا عسكرية إسرائيلية للوصول إليها، وكان وود قد أشار قُبيل استقالته إلى تعديلات محتملة، كاستمرار النظام الأممي موازيًا حتى تجهيز ثمانية مراكز، وتولي الأمم المتحدة توزيع المساعدات غير الغذائية، لكن موافقة إسرائيل على ذلك لم تتأكد.

رفض وتحذيرات

تتهم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة هذه الخطة، بأنها تهدف إلى "تسليح المساعدات" لخدمة أغراض إسرائيل العسكرية والسياسية، ومنحها القدرة على التحكم فيمَن يتلقى العون، وربما إجبار السكان على النزوح نحو مناطق توزيع المساعدات، مما قد يشكّل انتهاكًا للقانون الدولي المتعلق بالتهجير القسري، وفي هذا السياق، حذّرت شاينا لو؛ من المجلس النرويجي للاجئين، من المشاركة في نظامٍ ينتهك المبادئ الإنسانية ويخاطر بتوريطنا في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.

وتتزايد هذه المخاوف في ضوء تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ عن نقل السكان إلى "منطقة معقمة" جنوباً، وخطط أخرى نُسبت إلى الرئيس دونالد ترامب؛ لإعادة توطين سكان القطاع خارجه، وهي أفكارٌ يرفضها الفلسطينيون والمجتمع الدولي، ورغم تأكيد مؤسسة غزة الإنسانية على استقلاليتها وحيادها، إلا أن منظمات الإغاثة تشير إلى نيّة إسرائيل السابقة لفحص المستفيدين باستخدام تقنية التعرف على الوجه، وإلى أن الوصول للمراكز عبر نقاط عسكرية سيعرّضهم حتمًا للتدقيق، كما تُشكّك هذه المنظمات في قدرة الخطة على تلبية الاحتياجات الهائلة لسكان غزة، مشيرة إلى أن الوجبات المقترحة (1750 سعرًا حراريًا) أقل من المعايير الدولية للطوارئ (2100 سعر حراري)، ويؤكّد جيمس إلدر؛ المتحدث باسم "اليونيسف"، أن المنظمات القائمة أظهرت قدرتها على تلبية الاحتياجات، عندما يُسمح لها بذلك. فلماذا هذا التغيير الجذري الذي يُثير كل هذه الاعتراضات؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق