الرحيل الصعب!! - جريدة المدينة
تاريخ النشر: 28 مايو 2025 01:15 KSA

تموج بنا هذه الفانية بين صفحاتها، تفتح لنا سجلات جديدة، وتطوي أُخرى.. مؤلمة هذه الحياة بكل تفاصيلها، لكنَّنا نتوارى خلف برزخ نستشعره ولا نراه.. بالأمس فقدنا زميلًا عزيزًا على نفوسنا نحن «مجتمع مهنة المتاعب»، تلكم المهنة التي يعتقد البعض أنَّها مهنة أرستقراطيَّة، يملك أصحابها الجاه والمال، والواقع أنَّها لا تمثِّل كل ذلك مطلقًا؛ لأنَّها تحوي جل الأمراض والتعب والضغوطات النفسيَّة.. خاصَّة لمَن يعمل في الميدان.. وأجزم أنَّ الكثير منا أصحاب المهنة مصاب بعلل كثيرة، أوَّلها.. السكر والضغط، يتبعها القولون، وبقية أعضاء الجسد.. ورويدًا رويدًا.. تنهار المقوِّمات، ونفقد القدرة على السير بخطى ثابتة.. إنَّها مهنة شاقَّة تتجاوز كل المهن التي عرفتها البشريَّة؛ لأنَّ أوجاعها تظهر على ممتهنها بشكل سريع.فُجعت منذ ثلاثة أيام بوفاة الزَّميل طيِّب القلب سليمان مخاشن، المحرر الميداني لأكثر من خمسة عقود، عاش سليمان بين ظهرانينا لا نسمع منه إلَّا همسًا، ولا نرى فيه إلَّا العمل والصمت والاحترام للجميع.. كان أبو عمر من الرِّجال الذين لا يحبِّذون كثرة الجدال، ويتعامل مع الأحداث ببساطة كما هي شخصيَّته الجميلة.. التقيته قبيل ثلاثة عقود في صحيفة البلاد، ومجلة اقرأ، ثم زاملته بصحيفة المدينة، وهو من مدرسة شقيقه الفقيد عمر مخاشن -عليه شآبيب الرحمة-.. كان سليمان عاشقًا لهذا الوطن، ومدافعًا عنه في كل المواقف.. وحمل في دواخله كل الحب لنادٍ هامٍّ عشقًا به.. وباتت كل موضوعاته الرياضيَّة المتقنة والمتزنة تصب في الصالح العام للرياضة.
رحل سليمان بوجع وأنين في دواخله لم يبثهما لأحد، لكنَّ عينيه كانتا تحكيان قصة خمسين عامًا في بلاط صاحبة الجلالة؛ ليخرج منها «بلا، ولا شيء»!! فقد عانى الأمرَّين في الدخل البسيط، ولم يكن يطلب، أو يشكو، بل رضي بالقليل، والقليل جدًّا، من أجل أنْ تسير الحياة.. اليوم وبعد رحيل سليمان الذي لم تسعفه الظروف والمرض، ثم الفراق ليشارك ناديه فرحة الفوز بكأس نخبة آسيا، يتعيَّن على ناديه الذي كرَّس جُلَّ حياته منافحًا ومدافعًا عنه لتكريمه على أقل تقدير، والمشاركة في سد أيِّ التزامات كانت عليه، وهذا أقل تقدير يُقدَّم للفقيد.. ولعلَّهم يفعلون..
طبت يا سليمان حيًّا وميِّتًا.. وكَفَى..كاميرا المدينة
0 تعليق