عاجل

بوتين والناتو.. هل تعود الحرب الباردة ؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصمم على وضع حدٍّ لما يراه تجاوزاً غربياً غير مقبول لخطوط التفاهم الجيوسياسية التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي. فالتوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بات -من وجهة نظر موسكو- تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي، ومصدراً رئيسياً لزعزعة الاستقرار في أوروبا الشرقية.

عند النظر إلى الخريطة، تبدو روسيا وكأنها تتعرض لحصار تدريجي يضيّق الخناق عليها من الغرب. هذا التصور الجغرافي ليس من فراغ، بل هو أحد المحركات الجوهرية التي دفعت الكرملين إلى شنِّ الحرب على أوكرانيا في 2022. بالنسبة لبوتين، فإن الدفاع عن «العمق الروسي» بات مسألة وجودية لا مجرد خيار سياسي، وهو يرى أن استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى موازية للولايات المتحدة تستحق أن تُدفع لأجلها أثمان كبيرة.

غير أن التاريخ يقدم دروساً ثمينة. ففي ذروة التوتر بين واشنطن وموسكو، كانت أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 محطة مفصلية أثبتت أن التصعيد بين القوى العظمى لا يؤدي إلا إلى نتائج كارثية. حينها، أدرك الطرفان أن السلام العالمي لا يُحمى عبر الاستفزاز بل بالتفاهم والتوازن. واليوم، تبدو تلك الحقيقة أكثر حضوراً من أي وقت مضى.

ربما لهذا السبب يُنظر إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم مواقفه الحادة، على أنه يدرك خطورة دفع روسيا إلى الزاوية. فهو، على عكس بعض الساسة الأوروبيين، لا يؤمن بجدوى محاصرة موسكو ولا يرى في التصعيد المستمر سوى وصفة للفوضى وعدم الاستقرار، خصوصاً في شرق أوروبا. الرسالة التي لم تصل بعد إلى عدد من العواصم الأوروبية، هي أن روسيا ليست خصماً يسهل تطويقه دون عواقب وخيمة.

أخبار ذات صلة

 

بوتين، في المقابل، لا يخفي رغبته في استعادة مجد روسيا التاريخي ومكانتها الدولية، وهو يرى أن توسع الناتو ليشمل دولاً متاخمة لحدود بلاده هو تحدٍ مباشر، وردّه على ذلك واضح في تحركاته العسكرية والدبلوماسية.

في أوكرانيا، تعاني القيادة السياسية من ارتباك مزمن بين الطموحات الغربية ومتطلبات الجغرافيا والتاريخ. وهو ارتباك قد يقود إلى منزلقات خطيرة ما لم يتم احتواؤه بتسوية شاملة تراعي المصالح الأمنية لجميع الأطراف.

في المحصلة، يبدو أن العودة إلى طاولة التفاوض ليست مجرد رغبة بوتين أو خيار ترامب، بل ضرورة ملحة للعالم بأسره. فاستقرار النظام الدولي بات على المحك، وأوروبا، قبل غيرها، هي من سيدفع الثمن إذا تجاهلت دروس الماضي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق