«شروق».. نموذج لاقتصاد يستثمر في الإنسان والمكان - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أحمد عبيد القصير*

في الوقت الذي تشهد فيه الاقتصادات العالمية إعادة صياغة أولوياتها نحو مزيد من التنوع والاستدامة، برزت الحاجة إلى نماذج تنموية شاملة، تجمع بين التنوع والمرونة والاستدامة والقدرة على تحقيق نتائج إيجابية ملموسة في حياة الناس وبنيتها الاجتماعية والثقافية. وفي هذا السياق، كانت إمارة الشارقة، بتوجيهات والرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من أوائل المستجيبين إيجابياً لهذه التحولات، فتبنت نهجاً تنموياً شاملاً يركز على الإنسان والمكان والقيم المجتمعية.
وبقيادة سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، جاءت الهيئة لتجسيد هذه الرؤية التنموية على أرض الواقع. لم تكن «شروق» مجرد هيئة تنفذ وتدير مشروعات اقتصادية، بل شريكاً في الرؤية الوطنية تعمل من أجل استدامة النمو، وتمكين المجتمعات، وتعزيز مكانة الشارقة كبيئة استثمارية رائدة على المستوى الإقليمي والعالمي.
ومنذ انطلاقتها، استثمرت «شروق» وشركاؤها أكثر من 7.2 مليار درهم في 52 مشروعًا وتجربة نوعية، امتدت عبر مختلف مدن الإمارة، وشملت قطاعات حيوية مثل التطوير العقاري، والسياحة، والضيافة، والثقافة، والترفيه. كما وفّرت هذه المشروعات أكثر من 5000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، أسهمت في تحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، الذي يمثل اليوم 96% من الاقتصاد المحلي للشارقة، وفقًا لتقارير اقتصادية رسمية، وبذلك تكون «شروق» عنصراً حيوياً في تحقيق التنوع وتعزيز الهيكل الاقتصادي الوطني.
كما تنسجم هذه الجهود مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ورؤيتها المستقبلية التي تركز على تنمية الإنسان والابتكار والاستدامة. وتحرص «شروق» في جميع مشاريعها على أن تكون متماشية مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، من خلال مبادرات تعزز النمو الاقتصادي الشامل، وتدعم العمل المناخي، وتوفر فرص عمل لائقة، وتكرّس مفاهيم المدن والمجتمعات المستدامة. وإذا نظرنا إلى التجارب العالمية الناجحة، نجد أن المدن المتكاملة ثقافياً وسياحياً وتجارياً، التي تعتمد معايير الاستدامة في ممارساتها، هي الأكثر مرونة في مواجهة الأزمات، والأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية والمحلية طويلة الأجل. فعلى سبيل المثال، يؤكد تقرير «EY» لعام 2024 أن 74% من المستثمرين الدوليين يبحثون عن وجهات تتبنى معايير الاستدامة وتقدم رؤية تنموية شاملة، لا مجرد حوافز مالية. وهذا ما نجحت «شروق» في ترجمته من خلال مشروعات مثل مدينة الشارقة المستدامة، ومشروعات الضيافة البيئية، ومنتزه مليحة الوطني، التي أصبحت اليوم من الركائز الأساسية في تعزيز موقع الإمارة على خريطة الاستثمارات العالمية. غير أن التحول الاقتصادي الحقيقي لا يُقاس فقط بالمؤشرات والبيانات، بل يتجلى في قدرتنا على إعادة تعريف جوهر التنمية: من تحقيق النمو إلى خلق الأثر. ففي رؤية «شروق»، لا تُبنى المدن بتشييد الأبنية والبنية التحتية فحسب، بل بتشكيل منظومات تعزز البنية الاجتماعية والمنظومة الثقافية، وترتقي بجودة الحياة، وتحافظ على هوية المكان. وهنا جاءت مشروعات «شروق» – ك«قلب الشارقة» أو «بيت الحكمة» – لتعزز مساهمة المجتمع في بناء اقتصاد المعرفة وتمنح الثقافة دورها المحوري في استدامة النمو. إنها مشروعات تجاوزت الوظيفة التشغيلية لتصل إلى الغاية الحضارية، حيث يصبح الاستثمار أداة لصناعة المستقبل، لا مجرد وسيلة للربح.
إن الاقتصاد ليس حالة ثابتة، بل هو مسار يتغير عبر التاريخ. ونحن في «شروق»، وسط هذه المتغيرات، نؤمن ونتمسك بثابت لا يتغير، وهو أن يكون الاقتصاد رافعةً لنهضة المجتمعات، مهما تبدلت المراحل وتغيرت التحديات. وأن يكون الإنسان – كما وصفه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة – «محورًا للتنمية وصانعها وغايتها» في آنٍ واحد. واستنادًا إلى هذا الثابت، وتماشياً مع الرؤية الطموحة التي تقودها سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، نمضي في صياغة استراتيجياتنا، وتطوير برامجنا، ومواصلة مساعينا، ليكون المستقبل على قدر طموحاتنا المشتركة، وعلى قدر إيماننا بقدرتنا على تحقيقه.
*المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق