دبي: عمرو يسري
تشهد دولة الإمارات تحولاً غير مسبوق في قطاعها المصرفي، مدفوعاً بالتطور التكنولوجي، وتحديداً تقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي بات يشكل حجر الزاوية في تقديم الخدمات المالية والمصرفية، الأمر الذي يعيد تشكيل بيئة العمل المصرفي، ما يعكس التزام الإمارات التحول الرقمي في هذا المجال الحيوي في إطار رؤية 2030.
في زمن التحول الرقمي السريع، باتت التطبيقات الذكية والذكاء الاصطناعي، يقودان تجربة العميل المصرفي، وأصبح بإمكان العميل فتح حساب، وتحويل أموال، ودفع فواتير وحتى التحدث إلى «روبوت محادثة» ذكي، دون أن يزور الفرع أو يلتقي موظفاً بشرياً، ما وفر الكثير من الوقت والجهد، وإنجاز الكثير من المعاملات، بينما يواجه موظفو البنوك، تحديات البقاء في مشهد يتغير بوتيرة غير مسبوقة، مدفوعاً بتفاؤل البعض وقلق البعض الآخر من فقدان وظائفهم.
وعلى الرغم من التحول التكنولوجي الكبير الذي تشهده البنوك الإماراتية، وإقبال فئة كبيرة من العملاء على استخدام تطبيقات البنوك الذكية، إلا أن هناك شريحة من العملاء خاصة كبار السن لا تستطيع مواكبة التطور التكنولوجي السريع، وما زالت تقدّر التواصل البشري.
دراسة جديدة
أشارت دراسة جديدة أجرتها شركة «آرثر دي ليتل»، بالتعاون مع 24 بنكاً في دولة الإمارات إلى أن المتعاملين يطالبون بتجارب مصرفية متعددة القنوات وسلسة، تجمع بين أفضل وسائل الراحة الرقمية والتفاعل البشري الموثوق. وكشفت نتائج الدراسة عن أن 72% من المشاركين يستخدمون تطبيقات الخدمات المصرفية، عبر الهاتف المحمول بشكل أساسي، مدفوعين بتطلعاتهم نحو وصول سهل الاستخدام وفي أي زمان ومكان. وعلى الرغم من التبنّي السريع للتقنيات الرقمية، فإن التفاعل الشخصي يعد أمراً بالغ الأهمية، حيث تتضح الفروق بين الفئات العمرية، إذ يعتمد 62% من المستخدمين الشباب في الإمارات على الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ويعتمد 35% من المستهلكين على الدعم الشخصي.
صوت الموظف
قال مسؤول خدمة عملاء بأحد البنوك التجارية: «كان الفرع يكتظ بالعملاء يومياً، والآن نستقبل أقل من نصف العدد السابق، حيث أصبحت التطبيقات الذكية الموظف الأول، ونحن نكمل ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إنجازه».
وأوضح «في بداية تطبيق الذكاء الاصطناعي داخل البنك، وتحديداً أنظمة الدردشة الذكية وروبوتات الرد الآلي، كان لدينا شعور بالقلق والتوتر، وتساءل الكثير منا هل سيأخذ النظام مكاننا؟ ولكن التجربة أثبتت العكس تماماً، حيث أصبحت الروبوتات تتعامل مع الاستفسارات المتكررة والبسيطة».
وأوضح موظف آخر: «أصبح بعض العملاء يفضلون التطبيقات الذكية في بعض المعاملات، لكونها أسرع بالنسبة لهم، لكن هناك بعض الخدمات، التي يحتاجون فيها إلينا لحل الحالات المعقدة، وهذا يتطلب مهارات أعمق».
وأضاف: «عندما طبقت أنظمة الذكاء الاصطناعي في أقسام خدمة العملاء شعرنا جميعاً بتغير كبير في طريقة العمل، حيث أصبحت المهام أسرع، وأكثر دقة، وخالية من الأخطاء المتكررة، والأنظمة أصبحت تتطور، وترد على العملاء بكفاءة عالية، وفي البداية كان هناك تخوف طبيعي من أن تقل الحاجة إلينا كموظفين ويتم الاستغناء عنا».
وأشار إلى «أن إدارة البنك كانت حريصة على إشراكنا في هذه النقلة، كما حصلنا على تدريبات تقنية في التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، لنكون جزءاً من هذا التحول»، لافتاً إلى«أن الذكاء الاصطناعي لم يكن نهاية لمسارنا المهني، بل بداية جديدة في عالم أكثر تطوراً، يتطلب منا أن نكون أكثر مرونة وأن نتعلم باستمرار».
تغيير جذري
قال أحمد عرفات، خبير مصرفي: «في ظل تسارع التحولات الرقمية في القطاع المصرفي بدولة الإمارات، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً رئيسياً من استراتيجيات تطوير الخدمات وتحسين تجربة العملاء، وعندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي داخل البنوك، فنحن لا نتحدث فقط عن التكنولوجيا، بل عن تغيير جذري في طريقة التفكير والإدارة».
وأشار إلى «أنه على الرغم مما حققته تقنيات الذكاء الاصطناعي من تطور في الأداء والخدمات، إلا أن العديد من الوظائف التقليدية أصبحت معرضة للاندثار بنسبة 20 - 25% في الإدارات المختلفة».
البنك والموظف
قال أمجد نصر، خبير مصرفي ومستشار تمويل: «إن استخدام الذكاء الاصطناعي في البنوك الإماراتية، حقق تطوراً كبيراً في كفاءة الأداء وخدمة العملاء، لكنه جاء أيضاً بتحديات حقيقية على صعيد سوق العمل المصرفي».
وأوضح أن «هناك نقطتين أساسيتين، الأولى هي كيف يفكر البنك، والثانية هي كيف يفكر الموظف، حيث إن البنوك تتجه إلى تقليل التكاليف التشغيلية، وتسريع العمليات، وتحسين تجربة العملاء، ويتجه الموظف إلى تطوير قدراته وخبراته، بما يتناسب مع التطور الذي يحدث من حوله».
تشهد دولة الإمارات تحولاً غير مسبوق في قطاعها المصرفي، مدفوعاً بالتطور التكنولوجي، وتحديداً تقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي بات يشكل حجر الزاوية في تقديم الخدمات المالية والمصرفية، الأمر الذي يعيد تشكيل بيئة العمل المصرفي، ما يعكس التزام الإمارات التحول الرقمي في هذا المجال الحيوي في إطار رؤية 2030.
آراء عملاء
قالت عميلة لدى أحد البنوك: «أحياناً كثيرة أستخدم تطبيق البنك الذكي، نظراً لكونه سريعاً وسهل الوصول إلى العديد من الخدمات، مثل تحويل الأموال، ودفع الفواتير، لكن في بعض المعاملات المعقدة، مثل طلب قرض أو فتح حساب مشترك، لا يقدم التطبيق هذا النوع من التفاعل الإنساني، واضطر إلى الذهاب لفرع البنك، والتحدث مع موظف خدمة العملاء لشرح التفاصيل كاملة».وقالت مالكة مشروع صغير: «أجد صعوبة في التعامل مع تطبيق البنك الذكي، حيث إني لا أستطيع مواكبة التطور التكنولوجي السريع نظراً لكبر سني، وأشعر بأن التطبيق مصمم للأجيال الصاعدة».
وقال محمود الجندي، صاحب شركة معاملات: «منذ بدأت استخدام تطبيق البنك لم أزر الفرع إلا مرات قليلة، حيث وفرت التطبيقات الذكية للبنوك وقتي بشكل كبير، خاصة في تحويل الأموال ودفع الفواتير وتحويل الراتب».
قال هشام حسن موظف في إحدى الشركات الخاصة: «لم أذهب إلى فرع البنك إلا مرة واحدة عند فتح حسابي، لتقديم بعض الأوراق، حيث إن كل شيء أقوم به، يتم عبر تطبيق البنك الذكي».
0 تعليق