02 يونيو 2025, 10:49 صباحاً
بعد عشرين شهراً من الحرب الإسرائيلية المدمرة لقطاع غزة، تعود مفاوضات وقف إطلاق النار إلى نفس النقطة العمياء، التي طالما عرقلت جهود السلام، والخلاف الجوهري بين حماس التي تطالب بوقف دائم للأعمال العدائية، وإسرائيل التي تصر على هدنة مؤقتة تتيح لها استئناف عملياتها العسكرية؛ يهدد بإحباط كل المساعي الدبلوماسية الجديدة، ورغم تدخل مبعوث ترامب ستيف ويتكوف وفريقه الأسبوع الماضي، تبدو الفجوة بين الطرفين أوسع من أي وقت مضى، بينما يدفع المدنيون الفلسطينيون ثمن هذا الجمود الدبلوماسي.
الوساطة المتعددة
وشهدت أروقة الدبلوماسية الدولية تناوباً مستمراً للوسطاء والمفاوضين في محاولة يائسة لكسر حلقة العنف المفرغة، فقاد وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية وبريت مكغورك منسق الشرق الأوسط المساعي الأميركية خلال عهد إدارة الرئيس جو بايدن، قبل أن يتولى ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لترامب زمام المبادرة.
لكن تبديل الوجوه والأسماء لم يغير من طبيعة المعادلة المعقدة، فالعقبة الأساسية تكمن في التناقض الجذري بين رؤيتين متضادتين لمستقبل القطاع بعد انتهاء الأعمال العدائية، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
المطالب المتناقضة
وتسعى حماس للحصول على ضمانات قوية تحول أي اتفاق مؤقت إلى وقف دائم للحرب، مما يضمن لها الاحتفاظ بنفوذها السياسي والعسكري في غزة، والحركة دفعت خلال المفاوضات الأخيرة لإدراج بند ينص على "استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق دائم"، وهو ما يعني عملياً إمكانية تمديد وقف إطلاق النار المقترح لستين يوماً إلى أجل غير مسمى.
في المقابل، ترفض إسرائيل بقوة هذا المطلب، معتبرة أن أي اتفاق دائم يجب أن يتضمن نزع سلاح حماس ونفي قادتها خارج القطاع، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصف الرد الأخير لحماس بأنه "غير مقبول تماماً ويشكل خطوة إلى الوراء".
الجهود العربية
ولم تستسلم القوى الإقليمية لهذا الجمود، حيث أصدرت مصر وقطر، الوسيطان العربيان الرئيسيان، بياناً مشتركاً يؤكد عزمهما على "تكثيف الجهود للتغلب على العقبات التي تواجه المفاوضات"، والبيان جاء في محاولة لمنع انهيار المحادثات بشكل كامل والحفاظ على خيط رفيع من الأمل.
ورغم هذه الجهود، تبدو احتمالات الاختراق ضئيلة في ظل تمسك كل طرف بخطوطه الحمراء، وبعض مسؤولي حماس أبدوا انفتاحاً نسبياً على مناقشة ترتيبات تتعلق بالسلاح، لكن الحركة رفضت علناً أي شروط تتضمن نزع السلاح أو النفي.
المعاناة المستمرة
وبينما تدور المفاوضات في حلقات مفرغة، تتفاقم معاناة المدنيين على الأرض. الفلسطينيون في غزة يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية وسط استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية ونقص حاد في المواد الغذائية، إضافة إلى فوضى في تطبيق نظام توزيع المساعدات الجديد المدعوم إسرائيلياً.
على الجانب الآخر، تعيش العائلات الإسرائيلية التي لديها أقارب محتجزون في غزة حالة من القلق والترقب، دون أي بوادر قريبة لعودة أحبائها، فهل ستنجح الجهود الدبلوماسية أخيراً في كسر هذه الحلقة المفرغة، أم أن الطريق نحو السلام سيظل مفروشاً بالعقبات نفسها؟
0 تعليق