«الغارديان»
في منتصف عام 2020، شهدت دلتا أوكافانغو في بوتسوانا حدثاً بيئياً صادماً، أكثر من 350 فيلاً سقطت نافقة في مشهد غامض حير الخبراء وأثار قلقاً عالمياً حينها، خاصة أنه لم يتم رصد أي علامات للصيد الجائر أو العدوى الوبائية، ما ترك سؤالاً مطروحاً ومفتوحاً للنقاش، ما الذي قتل هذه الأفيال فجأة؟.
وبعد خمس سنوات من التحقيق، نشرت مجموعة من العلماء نتائج بحث تشير إلى السبب المحتمل، وهو تسمم ناتج عن تكاثر الطحالب السامة في مصادر المياه. هذا الاكتشاف لم يحل فقط لغزاً بيئياً، بل سلط الضوء على ظاهرة آخذة في التوسع والانتشار حول العالم، فما حدث في بوتسوانا لم يكن حالة معزولة، بل ظاهرة تعرف ب «ازدهار الطحالب» وهي زيادة سريعة في كمية الطحالب، وغالباً ما تحدث في المياه الدافئة الضحلة بطيئة الحركة، ويمكنها أن تحول البحر أو البحيرة أو النهر إلى كتلة من الطحالب الخضراء أو الصفراء أو البنية أو حتى الحمراء، وأحياناً لعدة أسابيع، وليست كل الطحالب ضارة، فالكثير منها يحافظ على مصايد الأسماك المهمة.
لكن في بعض الأحيان، تشكل الطحالب طبقة سميكة لدرجة أنها تحجب أشعة الشمس في الموائل البحرية، كما يمكن أن تطلق طحالب أخرى سموماً ضارة.
يحدث هذا الازدهار عادة في البيئات الدافئة والراكدة والغنية بالمغذيات، وخاصة تلك المتأثرة بتدفق الأسمدة، ولا تقتصر أضرارها على قتل الحيوانات البرية والمائية، بل تفرز سموماً تؤثر في الإنسان أيضاً، وتدمر الاقتصادات المحلية المعتمدة على الثروة السمكية، مدفوعة بتغير المناخ والتلوث الزراعي، فحين تفرز هذه الطحالب سموماً، تصبح المياه مصدراً للموت، لا الحياة.
في النرويج، قضت طفرة طحلبية عام 2019 على أكثر من 7 ملايين سمكة سلمون في مزارع بحرية، وفي مارس الماضي، امتدت أزهار سامة على مساحة شاسعة في جنوب أستراليا، وأدت إلى نفوق جماعي لأنواع بحرية متنوعة، بينها أسماك القرش وسرطان البحر.
وفي الولايات المتحدة، رصدت خلال الأعوام الأربعة الماضية، سلوكيات غير معتادة لأسود البحر قبالة سواحل كاليفورنيا، بينها نوبات عدوانية يعتقد الخبراء أنها ناتجة عن التسمم العصبي الناتج عن طحالب تفرز حمض الدومويك.
مع غياب الكائنات الأكثر تأثراً بانخفاض الأكسجين، تشهد بعض النظم البيئية طفرة في أعداد قناديل البحر، التي تتسم بقدرة أكبر على تحمل الظروف القاسية.
0 تعليق