حرب العملات المؤجلة.. تراجع الدولار يُربك البنوك المركزية العالمية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

- تجنّب المواجهة أم هدوء ما قبل العاصفة؟

إعداد: هشام مدخنة
في الأسابيع الأخيرة، أدى عدم اليقين بشأن صنع السياسات الأمريكية إلى هروب المستثمرين من الدولار وسندات الخزانة، حيث انخفض مؤشر العملة الأمريكية بأكثر من 9% حتى الآن هذا العام، مع توقعات بالمزيد. ما أثّر في العملات الأخرى، وجلب مزيجاً من الراحة والقلق للبنوك المركزية حول العالم.
ووفقاً لأحدث استطلاع عالمي لمديري الصناديق الاستثمارية أجراه «بنك أوف أمريكا»، يتوقع 61% من كبار المستثمرين انخفاضاً إضافياً في قيمة الدولار خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، وهي التوقعات الأكثر تشاؤماً منذ نحو 20 عاماً.
- ملاذات آمنة
قد يعكس هذا النزوح من الأصول الأمريكية أزمة ثقة أوسع نطاقاً، مع احتمال تداعيات غير مباشرة مثل ارتفاع التضخم المستورد نتيجة لضعف الدولار، الذي أدى انخفاض قيمته إلى ارتفاع قيمة عملات أخرى مقابله، وخاصةً الملاذات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري واليورو.
فمنذ بداية العام، قفز الين الياباني بأكثر من 10% مقابل الدولار، في حين ارتفع الفرنك السويسري واليورو بنحو 11%، بحسب بيانات مجموعة بورصة لندن.
وإلى جانب الملاذات الآمنة، ارتفعت قيمة عملات أخرى مقابل الدولار الأمريكي هذا العام، بما في ذلك البيزو المكسيكي والدولار الكندي، اللذان صعدا بأكثر من 5.5% و4% على التوالي. وكذلك الزلوتي البولندي بأكثر من 9%، فيما تجاوز نمو الروبل الروسي 22% مقابل الدولار.
ومع ذلك، انخفضت بعض عملات الأسواق الناشئة، ومنها الدونغ الفيتنامي والروبية الإندونيسية، وتراجعت قيمتهما إلى أدنى مستوى على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي في وقت سابق من هذا الشهر. كما سجّلت الليرة التركية هبوطاً هو الأكبر الأسبوع الماضي. وخطّ اليوان الصيني أدنى مستوياته أيضاً مقابل الدولار قبل أسبوعين تقريباً، لكنه ارتفع منذ ذلك الحين.
- خفض أسعار الفائدة؟
وباستثناء البعض، مثل البنك الوطني السويسري، يُمثّل ضعف الدولار الأمريكي مصدر ارتياح للحكومات والبنوك المركزية حول العالم، وفقاً لما صرّح به محللون لشبكة «سي إن بي سي».
وقال آدم باتون، كبير محللي العملات في «فوركس لايف»: «إن موجة البيع الأخيرة للدولار الأمريكي تتيح للبنوك المركزية مساحة أكبر للتنفس لخفض أسعار الفائدة». وأضاف: «ستكون معظم هذه البنوك سعيدة بانخفاض قيمة الدولار بنسبة تتراوح بين 10% و20%. حيث مثّلت قوته مشكلة مزمنة لسنوات، وصعوبة كذلك للدول التي تربط عملاتها بالدولار بشكل صارم أو مرن».
علاوة على ذلك، ونظراً لأن الكثير من دول الأسواق الناشئة لديها ديون كبيرة مقومة بالدولار، فإن ضعفه مقابل قوة العملة المحلية يُخفّض عبء الديون الحقيقية، ويجعل الواردات أرخص نسبياً، ما يُسهم في كبح جماح التضخم، ويُتيح للبنوك المركزية مجالاً لخفض أسعار الفائدة وتعزيز النمو.
وبينما قد تساعد قوة العملة المحلية في ترويض التضخم من خلال انخفاض أسعار الواردات، إلا أنها تُعقّد القدرة التنافسية للصادرات، لا سيما في ظل تجديد التعريفات الجمركية الأمريكية، حيث تُعتبر آسيا أكبر منتج للسلع في العالم، بحسب توماس روبف، الرئيس المشارك لبنك «في بي» في سنغافورة وآسيا.
واغتنم البنك المركزي الأوروبي فرصة انحسار التضخم لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى في اجتماعه الأخير في إبريل. وصرح البنك الخميس بأن «معظم مقاييس التضخم الأساسي تشير إلى أن التضخم سيستقر عند مستوى 2%، وهو هدف مجلس الإدارة على المدى المتوسط، بشكل مستدام».
ومن الأمثلة الأخرى البنك الوطني السويسري، الذي عانى قوة الفرنك خلال معظم السنوات الخمس عشرة الماضية. حيث تُشكل صادرات السلع والخدمات أكثر من 75% من الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا، ويؤدي الفرنك القوي إلى ارتفاع أسعار السلع السويسرية في الخارج.
- هبوط قيمة العملة
يُشكل خفض قيمة العملة خطر تأجيج نمو الأسعار، كما تحذر السلطات النقدية من بقاء التضخم فوق مستوياته المستهدفة. وقال بريندان ماكينا، الخبير الاقتصادي الدولي واستراتيجي الصرف الأجنبي في «ويلز فارغو»: «من المرجح أن يجعل خطر ارتفاع التضخم الناتج عن انخفاض قيمة العملة، إضافة إلى الرسوم الجمركية المتبادلة، البنوك المركزية العالمية مترددة في اتباع مسار خفض قيمة العملة الطوعي».
وفي ظل المناخ الجيوسياسي الحالي، قد يؤدي خفض قيمة العملة أيضاً إلى ردود فعل انتقامية ومخاطر اتهامات بالتلاعب بالعملة، حسبما يرى روبف من بنك «في بي».
ومع ذلك، لا يزال هناك احتمال أن تؤدي التوترات التجارية إلى نتائج حمائية أكثر، ما سيدفع البنوك المركزية إلى خفض قيمة عملاتها. لكن في الوقت الحالي، يبدو أن الإجراء المُفضل هو تجنب حرب عملات من شأنها أن تُفاقم عدم الاستقرار في الاقتصادين المحلي والعالمي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق