فلسفة الفراق ! - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
ابتُلي قلبي بفقد أعزاء مضوا إلى رحمة ربهم، وتركوا لي الوجع يحز على نياط قلبي فيدميه ألماً، فالموتُ لا يوجعُ الموتى، الموتُ يوجع الأحياء كما قال محمود درويش.

خاتمة الحياة الدنيا موت حتمي لا شك فيه، تحقيقاً للوعد الإلهي «كل نفس ذائقة الموت».

حزن عميق مؤثر ومُمض لفراق شخص عزيز كريم من بقايا الزمن الجميل العم زاهد أحمد ساب الذي مضى لرحمة ربه السبت ١٨ من ذي الحجة ١٤٤٦هـ. فما أقسى حقيقة الموت وما أصعبها من لحظة فراق، فمنجل الموت لا يكف عن حصد الأرواح في كل مكان.

ودعنا خلال الأسبوع الفارط عدداً من الأحبة وقفنا على حافة قبورهم، لنودعهم باطن الأرض، ونهيل عليهم الثرى، ليعود التراب إلى التراب،

(فما هي إلا أرحام تدفع وقبور تبلع).

ونحن نحث الخطى إلى خارج المقبرة تصحو معنا ذكريات، ولحظات عاشوها بيننا بكل ما فيها من أفراح وأتراح. فيكبر في دواخلنا الإحساس بالفقد، وتنوب الدموع في التعبير عما يجيش في دواخلنا،

عرفت المرحوم زاهداً بطيبة قلبه وسمو أخلاقة وكرم طباعه، البسمة هي عنوانه وخارطة حب إلى قلوب الآخرين حتى وهو على سرير مرضه يعاني.

كنت أقصده لقضاء حوائج الناس وتحقيق رغباتهم فكان يحثّ الخطى عوناً لمحتاج، باذلاً جاهه ما استطاع، وملتمساً العون عند من ترجو عنده الشفاعة لصاحب الحاجة، ويهاتفني بصوت الفرح، خلاص بشر صاحب الحاجة بقضاء حاجته.

توطدت صداقتنا وتوثقت عراها، في ثلوثية المرحوم الشيخ عبدالله موسى فزدت قرباً منه وتعلقت به محبة.

كان متابعاً لما يكتب في الصحف وما يدور فيها خاصة المعارك الفكرية والدينية التي كانت قائمة في الملاحق الصحفية آنذاك، يتصل بي يناقشني الرأي مصوباً لبعض الأخطاء أو مصححاً لواقعة كان حاضراً وشاهداً على أحداثها.

كان يقتطع بعض الأوراق من الصحف لقضية خلافية ويدسها في يدي قائلاً لعلك تكتب عنها يوماً ما.

كان موسوعة متحركة بأحاديثه الشيقة وقصصه التاريخية، يحدثك عن مكة المكرمة مسقط رأسه وكأنه لم يغادرها يوماً، ويسرد تاريخ المدينة المنورة وكأنه عايش ومقيم فيها.

معاصر لأحداث مرت عليه يسردها بتسلسل بارع وأسلوب سلس يربط الأحداث ويصحح ما خفي من تاريخ لرجال عاصرهم مضوا وتركوا بصماتهم على دفاتر الأيام.

الفقد قانون إلهي لم تنج منه البشرية منذ الأزل، تسيلُ المشاعرُ على السطور، وترتسمُ الوجوه على الكلمات، وتسير الأفكارُ على أرصفة الصفحات، وتتعانقُ الأحزان على موانئ المآقي، نابعةٌ من القلب، غرستها سنون الوفاء، وروتها أيامُ الحبّ واللقاء، فكل ما في اﻷرض من كلمات لا تعزّي فاقداً عمّن فقد، سنوقد سرادقات العزاء في قلوبنا وفاء لصادق ودك بيننا وعرفاناً لمحبتنا لك.

ستكون روحك حاضرة في ثلوثية المرحوم عبدالله موسى، فقد كنت تسبقنا حضوراً، تسأل عن كل غائب وتشارك في كل نقاش وتصحح كل خطأ.

رحم الله زاهد أحمد ساب، والعزاء موصول لابنته الفاضلة نهلة وزوجها المستشار نزيه موسى وأبنائه أحمد وأكرم ونادية ونجلاء، وزينهم بالصبر الجميل على هذا المصاب الجلل، والفقد الكبير.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق