غزة – "وكالة سند": داخل خيام تفتقر لأدنى متطلبات البيئة التعليمية السليمة في ملعب فلسطين بمدينة غزة، ينتظم أطفال في فصول دراسية لتعويض ما فاتهم بسبب حرب الإبادة التي حولت مدارسهم السابقة إلى مراكز إيواء للنازحين، وقتلت وجرحت الآلاف من زملائهم ومعلميهم.
وتعتبر المدرسة الواقعة في ملعب فلسطين واحدة من ثماني مدارس أنشأتها مبادرة "عقول غزة العظيمة" في مختلف أنحاء قطاع غزة.
وقال أحمد أبو رزق، صاحب المبادرة إن مؤسسة "عقول غزة العظيمة" تدعم 8 مدارس يدرس فيها 4000 طالب، وهذه المدرسة تضم ألف طالب ما يجعلها كبرى مدارس المبادرة.
وأوضح أن المدارس توفر المراحل التعليمية من الصف الأول وحتى التاسع الأساسي، إضافة إلى مرحلة الثانوية العامة، ويتم فيها تدريس 4 مواد أساسية، هي اللغة العربية، واللغة الانجليزية، والرياضيات، والعلوم، باعتماد كامل من وزارة التربية والتعليم العالي.
وأشار إلى آن أغلب الطلبة هم ممن فقدوا آباءهم أو أمهاتهم، "وفي هذا المكان يكون المدرس عبارة عن أب أو أم يقدمون الرعاية التي يحتاجها الطفل".
وأضاف: "نتعامل مع كل طالب كحالة نفسية خاصة، فإلى جانب التعليم الأكاديمي، نعمل على الجانب النفسي من خلال الألعاب الدرامية للتخفيف من وطأة الحرب والصدمة على كل طالب".
وأشار إلى استهداف 4 من مدارس المبادرة بالقصف والتدمير من الاحتلال، وخلال الشهر الماضي فقدت المدارس اثنين من طلبتها في الغارات العشوائية.
وبيّن أبو رزق أن إقامة الغرف الصفية داخل خيام يعود لكون أغلب الأطفال يعيشون داخل مدارس تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين، فالطالب يعيش معظم وقته داخل المدرسة ويمارس حياته المعيشية فيها، "ومن الصعب أن نبقيه داخل المدرسة لأنه ينظر لها باعتبارها بيته، ولن يتقبل أن هذه مدرسة".
وتواجه العملية التعليمية في هذه المدارس صعوبات جمّة، وأهمها نقص المواد التعليمية، إذ إن الاحتلال يمنع إدخال أي نوع من القرطاسية لقطاع غزة.
وقال أبو رزق إنه وبسبب حركة النزوح المستمرة، يضطر الطالب للنزوح أكثر من مرة خلال الفصل، وهذا يؤدي لفاقد تعليمي كبير.
ولفت إلى أن الطفل في غزة معرّض للصدمة، ومن الصعب الخروج منها حتى مع وجود خيمة تعليمية، "لكننا نحاول التخفيف قدر الإمكان من هذه الصدمة، والطالب يحاول تطوير ذاته تدريجياً بالمنهاج الأكاديمي، لكن الصدمة النفسية تحتاج إلى وقت".
وأشار إلى أن المشاكل النفسية للطالب تنعكس على شكل ضعف في النطق وقلة التفاعل والتركيز.
علا الصادق، وهي دكتورة صيدلانية وتحمل دبلوماً في التعليم، التحقت بالمدرسة معلمة لمادة العلوم منذ آذار الماضي، وقالت إنهم وجدوا صعوبة في بداية افتتاح الخيام التعليمية، "لكن بمرور الوقت بدأنا نتأقلم، والطلاب أخذوا مقاعدهم وانتظموا في الدراسة ومتابعة دروسهم".
وأكدت أن الطلاب يعانون من الخوف والقلق، ومن شرود الذهن، وهم متعبون نفسياً جراء استمرار الحرب، وهذا يترك أثره عليهم ولا يتغلبون عليه بسهولة.
وأوضحت أن الوضع الصحي والغذائي الناتج عن الحصار والتجويع يؤثر على الطلبة وقدرتهم على التحصيل، معربة عن أملها بأن يكون الصف الدراسي أوسع وتتوفر فيه بيئة صحية مناسبة للطلبة والمدرسين.
من جهتها، قالت الطالبة سلمى حسن من الصف السابع، والتي تسكن في خيمة قريبة من المدرسة: "لولا وجود المدرسة في مكان قريب من خيمتنا لما أتيت". وأضافت: "نحن نخاطر بأنفسنا ونأتي إلى هنا لكي ندرس ونتعلم".
وبينت أنه لا يوجد مكان آمن ولا بيئة صحية، وهذا المكان معرّض للقصف في أية لحظة. ووجهت رسالة للعالم قالت فيها: "يكفي، نريد أن نعيش كباقي البشر، نريد مياه وكهرباء وغذاء وبيوت صالحة للسكن. لا نطالب إلا بالأمان والغذاء والحياة الطبيعية".
0 تعليق