22 أبريل 2025, 3:24 مساءً
مع طوفان الفيديوهات الصينية بشأن بضائع الأسماء التجارية "البراند" على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف الكاتبة الصحفية هيلة المشوح جذور وأبعاد حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، مؤكدة أن "فوضى البراندات" الحالية ليست مصادفةً ولا حرباً عشوائية، بل هي انعكاس مباشر لصراع القوى بين قطبين اقتصاديين يحاول كل منهما فرض نمط استهلاكي مختلف، وحضور سياسي واقتصادي لا يقبل المنافسة، وأن المعركة التجارية بدأت منذ عام 2018، وأن المستهلك حول العالم أصبح أداة في المعركة، بينما تحاول الشركات العالمية النأي بنفسها عما يحدث.
كل "براند" خلفه دولة تسعى للهيمنة التامة
وفي مقالها "حرب البراندات.. ما الذي يحدث؟" بصحيفة "عكاظ"، تقول "المشوح": "«فوضى البراندات» ليست مصادفةً وليست حرباً عشوائية تماماً، بل هي انعكاس مباشر لصراع القوى بين قطبين اقتصاديين يحاول كل منهما فرض نمط استهلاكي مختلف، وحضور سياسي واقتصادي لا يقبل المنافسة، هي ليست حربًا تجارية على السوق، بل على العقل والهوية والذوق، حيث كل اسم تجاري (براند) يحمل خلفه دولة، وأيديولوجيا كاملة لنظام اقتصادي يتطلع للهيمنة التامة، وباختصار شديد فالاتهام الموجه للعلامات التجارية العالمية يرتكز على أنها تصنع منتجاتها في الصين ثم تعرضها في بوتيكاتها الفخمة بأثمان باهظة".
صعدت الصين فاشتعلت "الحرب التجارية"
وتؤكد "المشوح" أن صعود الصين صناعيًا، أثار قلق الولايات المتحدة واشعل المعركة، وتقول: "ومنذ أن صعدت الصين كقوة اقتصادية كبرى، تحولت المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة إلى ما يشبه «الحرب الباردة التجارية»، أو «الحرب الناعمة»، فالصين برعت في خلق بيئة صناعية هائلة مكنتها من إنتاج ملايين المنتجات تحت آلاف البراندات، بعضها معروف، وبعضها لا يتجاوز كونه «قناعاً» لمصنع صغير، وهذه الوفرة خلقت فوضى في السوق العالمية والسوق الأمريكية على قائمتها، حيث يصعب على المستهلك التمييز بين المنتج الجيّد والمقلد، أو بين البراند المحلي والبراند العالمي".
مشكلة السوق الصينية الموازية للبضائع
وترصد "المشوح" بداية الحرب التجارية عام 2018، وتقول: "في تقديري، وبحسب فهمي لما يحدث اليوم، فالأمر أكثر تعقيداً من مجرد فضائح البراندات التي تديرها الصين بل وتلمح إلى تصنيعها محلياً بكلفة متدنية لم تتكبد فيها السوق الأمريكية والأوروبية سوى وضع (اللوقو) ورفع سعرها بأرقام فلكية، فمنذ عام 2018 بدأت الولايات المتحدة بفرض «رسوم جمركية» على مئات المنتجات الصينية، ضمن ما سُمّي بـ«الحرب التجارية» بين البلدين لتقليص العجز التجاري وكبح صعود الصين صناعياً واقتصادياً، مما أفضى إلى نشوء سوق موازية وخفية للبضائع الصينية المقلدة، وهذا بدوره ضاعف تعقيدات السوق وأفشل مسألة الرسوم التي تم رفعها اليوم من قبل إدارة الرئيس الأمريكي ترمب والتي يبدو أنها لن تنجح هي الأخرى".
المستهلك أصبح أداة في إدارة الحرب
وعن المستهلك تقول "المشوح": "اللافت في هذه الحرب الاقتصادية أو (الحرب الناعمة) أن المستهلك في أصقاع العالم وليس في منطقتنا فحسب لم يعد فقط هدفاً لهذه الحرب بل تحول دون وعي منه إلى أداة في إدارتها، فالولاء المفرط لعلامة تجارية ما، والتعصب لبراند دون آخر أو الحسرات التي يبثها بعض مشاهير السوشال ومحدثو النعم تكشف حجم التأثير الذي تمارسه الدول لفرض هيمنتها الاقتصادية، حيث ينخرط المستهلك في معركة طاحنة لا يدرك ملامحها كاملة مدفوعاً بما تغرسه الحملات التسويقية من قيم وانفعالات وانتماءات أو حسرات على ضياع الثروات.. فقط!".
العلامات التجارية ليست بمنأى عن نتائج الحرب
وتنهي "المشوح" قائلة: "العلامات التجارية الكبرى ليست لاعباً في المعركة الحالية، لكنها بالتأكيد ليست بمنأى عن نتائجها، وفي الوقت ذاته فالبراندات لا تصنع الضجيج ولا تدافع عن تاريخها وكياناتها كي لا تخسر عملاءها حول العالم الذي تشكل الصين -نفسها- جزءاً كبيراً منه، فالبراندات تحمي نفسها بالندرة، والمكانة، والحرفية وقصص تجذب عملاءها.. لكنها بطبيعة الحال لا تستطيع الانفصال التام عن عالم تتقاذفه حرب اقتصادية باردة بين الشرق والغرب، والشيء الأكيد في هذه الزوبعة أنها لن تراوح فنجانها وستبقى الماركات العالمية طموح الحالمين.. ومقتنيات القادرين".
0 تعليق