سجلت إيجارات الوحدات السكنية في أبوظبي ارتفاعاً ملحوظاً، منذ مطلع العام الجاري، حيث أبلغ ملاك وشركات إدارة المستأجرين بفرض الزيادة السنوية المقدرة بـ 5%، وذلك في ظل ارتفاع الطلب على المساكن سواء داخل جزيرة أبوظبي أو خارجها.
ذكر عدد من الخبراء والعاملين في السوق العقاري في أبوظبي، أن الملاك وشركات الإدارة يعمدون إلى تطبيق الزيادة السنوية، لتعزيز العوائد ورفع الإيرادات، فيما يرى آخرون أن فرض الزيادة يأتي في سياق ارتفاع الطلب على استئجار الوحدات السكنية، حيث يعمد الملاك لرفع القيمة الايجارية للوحدة السكنية المؤجرة لمستأجر جديد بنسبة تتراوح بين 5-15%، مقارنة بالقيمة التي كانت عليها للمستأجر السابق.
ويبحث العديد من المستأجرين عن وحدات سكنية بمساحات أصغر، مثل الانتقال من وحدات تتكون من 3 غرف وصالة إلى غرفتين وصالة، أو السكن في شقق يتم تصميمها وتجهيزها ضمن فلل سكنية تشمل قيمتها الإيجارية رسوم الكهرباء والماء، ما يوفر العديد من المصاريف على المستأجرين.
أسباب الزيادة
يقول الدكتور علي العامري، رئيس مجلس إدارة مجموعة الشموخ: «إن من أسباب الزيادة في إيجارات الوحدات السكنية بأبوظبي الاستحقاق القانوني، حيث ينص قانون أبوظبي للإيجارات (القانون رقم 20 لسنة 2006)، على أن المالك يحق له زيادة الإيجار بنسبة تصل إلى 5% سنويا عند تجديد العقد».
وأضاف: «تشهد أبوظبي تدفقًا سكانيًا مستمرًا، خلال العام الجاري، خاصة مع توقعات زيادة عدد سكان الإمارات، ما يرفع الطلب على الوحدات السكنية، أما النقطة الثالثة فتتمثل في تأثير العوامل الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار المواد الإنشائية، وزيادة الطلب على العقارات الفاخرة، ما يتسبب في زيادة الإيجارات».
وتابع العامري: «بالنسبة للمناطق الأكثر طلبًا بغرض استئجار الوحدات السكنية في أبوظبي، فهي المناطق القريبة من المراكز التجارية والخدمات مثل منطقة السفارات ومنطقة المصفح، التي توفر سهولة الوصول إلى الخدمات الأساسية، وأيضاً المشاريع السكنية الجديدة مثل مشروع ياس ريفا في جزيرة ياس وبلووم ليفينغ، التي تجذب المقيمين بمرافقها الحديثة وخطط الدفع المرنة، والمناطق ذات البنية التحتية المتطورة وكتلك القريبة من شبكات النقل العام والمدارس».
وقال: «اذا نظرنا إلى أنواع الوحدات المطلوبة للإيجار، فسنجد الوحدات الصغيرة والمتوسطة مثل استديو والشقق ذات الغرفتين، التي تناسب الأفراد والعائلات الصغيرة، بسبب كلفتها المعقولة نسبيًا».
وذكر أن العقارات الفاخرة تشهد طلباً من قبل المغتربين ذوي الدخل المرتفع، خاصة في المشاريع السكنية الجديدة، التي توفر خدمات مميزة مثل المرافق الترفيهية والأمن.
خدمات مطلوبة
أشار العامري إلى أن الخدمات الأكثر طلبًا من المستأجرين، هي المرافق الأساسية المتكاملة مثل الكهرباء والماء والإنترنت عالي السرعة، وكذلك خدمات الصيانة السريعة، حيث يُلزم القانون المالك بإجراء الترميمات الضرورية للحفاظ على صلاحية الوحدة للسكن، ومن النقاط المهمة المواقف السكنية خاصة مع اشتراطات «المواقف السكنية» (Mawaqif)، التي تتطلب تصاريح سنوية، واخيراً الأمن والمرافق الترفيهية مثل الصالات الرياضية والمسابح في المجمعات السكنية المغلقة.
وقال العامري: «نلاحظ حالياً حركة انتقال نحو الضواحي، وذلك بحثًا عن إيجارات أقل، وبسبب ارتفاع الإيجارات في المناطق المركزية، حيث انتفل بعض المستأجرين إلى مناطق مثل مصفح أو بني ياس وغيرهما من المناطق، التي توفر وحدات بسعر أقل، رغم بعدها عن الخدمات، ولا ننسى دور الجهات الحكومية في تطور المناطق الناشئة».
واختتم بالقول: «تتفاعل عوامل قانونية واقتصادية وديمغرافية لدفع زيادة الإيجارات في أبوظبي، مع تركيز الطلب على المناطق الحيوية وارتفاع الطلب على الوحدات الصغيرة، وفي الوقت نفسه، تظهر تحركات سكانية نحو الضواحي كرد فعل لارتفاع التكاليف».
طلب متزايد
يقول أمين القدسي، الرئيس التنفيذي لشركة نيشن وايد الشرق الأوسط للعقارات: «تعود أسباب زيادة ورفع إيجارات الوحدات السكنية في أبوظبي إلى عدة عوامل، من أبرزها الطلب المتزايد على الوحدات السكنية نتيجة للنمو السكاني واستقرار الأوضاع الاقتصادية، وحرص الملاك وشركات الإدارة العقارية على تطبيق الزيادة السنوية القانونية (5%) لتعزيز العوائد الاستثمارية، وتطوير العديد من المناطق السكنية وتحسين البنية التحتية والخدمات، ما ساهم في رفع القيمة الإيجارية».
وفي ما يتعلق بأكثر المناطق طلباً على الوحدات السكنية المؤجرة، أجاب القدسي: «تشهد مناطق مثل جزيرة الريم، جزيرة السعديات، شاطئ الراحة، جزيرة ياس ومنطقة الكورنيش إقبالاً كبيراً، نظراً لموقعها الحيوي، وتوفر الخدمات والقرب من مراكز الأعمال والترفيه.
وأفاد بأنه يوجد طلب مرتفع على الوحدات المتوسطة والصغيرة مثل الاستديو والشقق ذات غرفة أو غرفتين، خاصة من قبل الأفراد والعائلات الصغيرة، نظراً لملاءمتها من حيث الكلفة، أما الوحدات الكبيرة (3 غرف وأكثر)، فمطلوبة من العائلات، لكن الطلب عليها أقل نسبياً بسبب ارتفاع قيمتها الايجارية.
تركيز المستأجرين
قال القدسي: يركز المستأجرون اليوم على الوحدات التي توفر مواقف سيارات مخصصة، صالات رياضية وحمامات سباحة، الأمن والصيانة على مدار الساعة، قرب المسكن من المدارس، المراكز التجارية، ووسائل النقل، إلى جانب خيارات الدفع المرنة (تعدد الشيكات)، بالإضافة إلى الاهتمام بالخدمات الذكية والتقنيات الحديثة داخل المباني.
وأضاف: نشهد حركة تنقل ملحوظة من قبل المستأجرين، الذين يسعون لموازنة احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار، حيث يتجه البعض للبحث عن وحدات سكنية بأسعار أقل في مناطق مثل مدينة محمد بن زايد، خليفة أ، بني ياس وضواحي أبوظبي، حيث يمكنهم الحصول على مساحات أكبر مقابل أسعار مناسبة.
واختتم بالقول: «يبقى سوق الإيجارات في أبوظبي ديناميكياً، ويتأثر بعوامل العرض والطلب، مع حرص المستأجرين على تحقيق التوازن بين الجودة والسعر».
تحسين العائد
يقول الدكتور أيوب الفرج، الرئيس والشريك لشركة كولد ويل بانكر، إن من أسباب زيادة ورفع إيجارات الوحدات السكنية في أبوظبي، نمو الطلب مقابل العرض خاصة مع ازدياد عدد السكان والوافدين، وعودة النشاط الاقتصادي والسياحي بعد الجائحة. وأضاف: «يحرص الملاك على تطبيق الحد الأقصى للزيادة القانونية (5%) سنويًا لتحسين العائد الاستثماري، خصوصًا مع ارتفاع التكاليف التشغيلية، إضافة إلى أن بعض الملاك يعيدون تأهيل العقارات وإضافة الخدمات كمبررات للزيادة السنوية، وكذلك قلة المعروض في بعض المناطق المركزية مثل جزيرة أبوظبي وجزيرة الريم.
وفي ما يتعلق بأكثر المناطق طلبًا على الوحدات المؤجرة، رد بالقول: جزيرة الريم لموقعها وقربها من الخدمات والدوائر الحكومية، ومنطقة شاطئ الراحة ومدينة خليفة التي تفضلها العائلات، التي تبحث عن مساحات أكبر وبالقرب من المدارس، وجزيرة ياس خاصة للعاملين في قطاعات الترفيه والطيران، والمنطقة المركزية في جزيرة أبوظبي بالنسبة للعاملين في الشركات والمصارف.
وحدات مطلوبة
أوضح الفرج أن أكثر أنواع الوحدات المطلوبة للإيجار هي الوحدات الصغيرة (استوديو – غرفة وصالة)، حيث يزداد الطلب عليها من قبل الأفراد والعاملين الجدد، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، أما الوحدات المتوسطة (غرفتان)، فمطلوبة من العائلات الصغيرة، بينما الطلب على الوحدات الكبيرة (3 غرف فأكثر) أقل نسبيًا، خاصة في المناطق مرتفعة الإيجار.
وذكر الفرح أن أهم الخدمات التي يبحث عنها المستأجرون حاليًا هي مواقف سيارات مخصصة، توفر صيانة مجانية أو متكاملة، الأمن والحراسة (24/7)، ومرافق رياضية (ناد رياضي – مسبح)، قرب المدارس ومحطات الحافلات، وخيارات الدفع المرنة (أقساط شهرية بدلاً من شيكات سنوية).
وقال: يُسجّل حالياً ارتفاع ملحوظ في انتقال المستأجرين إلى ضواحي أبوظبي مثل بني ياس، الشامخة، المقطع، ومدينة محمد بن زايد، أو البحث عن وحدات أقل كلفة، ضمن نفس المنطقة ولكن بخدمات أقل.
0 تعليق