24 يونيو 2025, 2:57 مساءً
في قلب طهران، يقبع مفاعل نووي صغير يحمل قصة مفارقة: تكنولوجيا نووية أمريكية الصنع، وُهبت لإيران في ستينيات القرن الماضي، تحت مظلة برنامج "الذرات من أجل السلام"، قدمت الولايات المتحدة الأميركية لإيران، الحليفة الملكية آنذاك، أدوات التقدم النووي، لتزرع بذور أزمة تتصاعد اليوم، ويكشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم (الثلاثاء) كيف ساهمت واشنطن في صياغة برنامج نووي إيراني ولماذا يبقى مفاعل طهران رمزًا لتحولات العلاقات الدولية؟
المفاعل الرمزي
في ضواحي طهران الشمالية، يقف مفاعل طهران البحثي، بناء نووي متواضع يُستخدم لأغراض علمية سلمية، لم يُدرج هذا المفاعل ضمن أهداف الحملات الإسرائيلية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، لكنه يحمل دلالات عميقة، شُحن المفاعل من الولايات المتحدة إلى إيران في الستينيات، كهدية ضمن مبادرة الرئيس دوايت أيزنهاور "الذرات من أجل السلام"، التي هدفت إلى نشر التكنولوجيا النووية بين الحلفاء لتعزيز التنمية الاقتصادية ومواجهة النفوذ السوفييتي خلال الحرب الباردة.
اليوم، لا يلعب المفاعل دورًا في تخصيب اليورانيوم، العملية الحاسمة لإنتاج أسلحة نووية، ويعتمد على وقود نووي ضعيف، غير قادر على دعم تفاعل سلسلي مدمر، ومع ذلك، يظل المفاعل شاهدًا على لحظة تاريخية حين أدخلت أمريكا إيران، بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي، إلى عالم الطاقة النووية.
جذور الأزمة
ففي عام 1959، زار أيزنهاور طهران، مؤكدًا الشراكة مع الشاه، الذي كان يحكم إيران كدولة علمانية موالية للغرب، وكانت الولايات المتحدة تسعى لتقوية حلفائها في مواجهة الاتحاد السوفييتي، واعتبرت الطاقة النووية أداة لتحقيق التقدم والنفوذ، لكن هذه المبادرة، رغم نواياها الإيجابية، وضعت الأسس لبرنامج نووي إيراني تطور لاحقًا إلى مصدر توتر عالمي.
ولم تكن الولايات المتحدة وحدها المسؤولة عن تقدم إيران النووي، فهناك دول أخرى، قدمت دعمًا تقنيًا ساهم في تعزيز قدرات طهران، ومع ذلك، فإن الدور الأمريكي في تقديم التكنولوجيا الأولية يبقى نقطة تحول حاسمة، حيث تحولت إيران من حليف وثيق إلى خصم استراتيجي بعد الثورة الإيرانية عام 1979.
مفارقات التاريخ
وعندما أمر الرئيس دونالد ترامب بضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، كان يواجه تداعيات قرارات اتُخذت قبل عقود، فالمفاعل الذي وهبته أمريكا لإيران لم يعد مركزًا للخطر النووي، لكنه يجسد مفارقة السياسة الدولية: كيف يمكن لمبادرات التعاون أن تتحول إلى مصادر نزاع؟
ويطرح مفاعل طهران تساؤلات ملحة: هل كانت الولايات المتحدة ساذجة في مشاركة التكنولوجيا النووية؟ وكيف يمكن للدول اليوم أن توازن بين نشر العلم ومنع التهديدات؟ هذه الأسئلة تظل محور نقاش عالمي، بينما يواصل المجتمع الدولي البحث عن حلول للأزمة النووية الإيرانية.
0 تعليق