جيسون ريد *
دأبت بروكسل على صياغة لوائح صارمة، وغير ضرورية، تُصعّب استيراد البضائع إلى أوروبا.
ولو استطاع ترامب إقناع الاتحاد الأوروبي بخفض تلك الحواجز والتراجع عن قيوده التنظيمية الهائلة، فسيكون ذلك فوزاً كبيراً للولايات المتحدة، ولبقية العالم الذي يرغب أيضاً في ممارسة الأعمال التجارية في القارة، ناهيك عن الأوروبيين العاديين الكادحين الذين سيخسرون من هذه السياسات المجحفة.
وتشهد أوروبا ازدهاراً ملحوظاً في الاشتراكية البيئية منذ سنوات. فبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، ارتفع التضخم بشكل حاد، وتعطلت سلاسل التوريد، وخرجت أسعار الطاقة عن نطاق السيطرة. وبينما كانت الحكومات الأخرى تُصارع تلك المشاكل، كان الاتحاد الأوروبي منشغلاً بإقرار مجموعة من القوانين البيئية الرائدة عالمياً، والتي وضعت قدراً هائلاً من سلطة صنع السياسات في أيدي مُشرّعي بروكسل، وكل ذلك باسم إنقاذ الكوكب.
وأنشأ هؤلاء، سلسلة من الحواجز التجارية الجديدة غير الجمركية التي تُهدد بجعل الأوروبيين - وبقية العالم - أكثر فقراً يوماً بعد يوم.
ومن خلال معارضتها، ستكون الولايات المتحدة تُدافع عن مصالحها وتُقدم خدمةً للأوروبيين أنفسهم. ومن المفارقات أن إلغاء القواعد الخضراء الجديدة للاتحاد الأوروبي من شأنه أن يُفيد الكوكب أيضاً، لأن الكثير من قوانينه تُلحق ضرراً بالبيئة أكثر مما تُفيدها.
يُصرّ الاتحاد، على أن قواعده الخضراء الجديدة ضرورية لمنع إزالة الغابات. وهذا غير صحيح. فسياسته الرئيسية بهذا الشأن، تُبرهن على قصور في إدارة التجارة، لأنها تُلزم الشركات التي ترغب في بيع منتجات مثل الكاكاو والقهوة وزيت النخيل في أوروبا بإثبات أن سلاسل التوريد الخاصة بها لا تُسهم في إزالة الغابات.
ويشترط الاتحاد الأوروبي لأجل ذلك وجود كمية مرهقة من الوثائق، ستجبر كثيراً من الشركات على توظيف فرق امتثال جديدة بالكامل للقواعد، بتكلفة تقدر بنحو 1.5 مليار دولار.
ومما لا شك فيه، أن عدداً لا يحصى من الشركات الصغيرة، وخاصة في الدول الفقيرة، لن تتمكن من توفير المال اللازم لجلب هذه الأوراق. وسيصبح البيع في السوق الأوروبية مكلفاً للغاية بالنسبة للمزارعين الذين يسعون لكسب عيشهم من بيع محصولهم. إذن الجميع خاسر. ورغم إدراكه لهذه المشاكل، لا يزال الاتحاد الأوروبي مصمماً على المضي قدماً في تاريخ التنفيذ الجديد في ديسمبر/ كانون الأول 2025، مجادلاً بأن مكافحة إزالة الغابات تستحق التضحية. وللأسف، وعلى الرغم من تكاليفها الاقتصادية الباهظة، فإن آلية الاتحاد الأوروبي لحماية الغابات لا تفعل شيئاً لمنع إزالتها، لأنها تعتمد على السياسيين الأوروبيين الذين يصنفون كل دولة وفقاً ل«المخاطر». وتقول العديد من الدول، مثل ماليزيا، إن تصنيفها للمخاطر يستند إلى بيانات خاطئة.
وبالطبع، تُعدّ ماليزيا، أحد أكبر منتجي زيت النخيل في العالم، قصة نجاح في منع إزالة الغابات. ووفقاً لمنظمة «غلوبال فوريست ووتش»، حققت البلاد انخفاضاً بنسبة 57% في فقدان الغابات الأولية منذ عام 2022، وذلك بفضل الابتكارات في زيت النخيل المستدام.
* كاتب بريطاني، ومدير المشاريع العالمية في منظمة «يانغ فويسز» الأمريكية
* المصدر (ريل كلير ورلد)
0 تعليق