وسط تصاعد التحديات الإقليمية وتسارع التطورات الدولية تعقد أعمال الدورة 163 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اليوم (الأربعاء) برئاسة الأردن، رئيس الدورة، في اجتماع يُعد محطة محورية لتوحيد المواقف العربية وصياغة إستراتيجيات مشتركة، ويضع الاجتماع على عاتقه معالجة قضايا ملحة من القضية الفلسطينية والأزمة السودانية إلى الأمن المائي ومكافحة الإرهاب وسط آمال بتعزيز العمل العربي المشترك سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
الحرب الإسرائيلية على غزة
تتصدر مناقشات الوزراء العرب القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي أودت بحياة أكثر من 51 ألف قتيل و116 ألف مصاب منذ 7 أكتوبر 2023، مع فرض إسرائيل حصاراً خانقاً وإغلاق معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة ومنع دخول المساعدات لأكثر من 50 يوماً.
ويبحث الوزراء متابعة التطورات السياسية بعد مخرجات القمة العربية الطارئة التي استضافتها القاهرة في مارس الماضي التي تبنت الخطة المصرية للتعافي وإعادة إعمار غزة، والتي أصبحت خطة عربية إسلامية بموافقة المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب الجهود العربية لزيادة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين خصوصاً مع اقتراب انعقاد المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المقرر في يونيو 2025 برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا.
كما يتناول جدول الأعمال تفعيل مبادرة السلام العربية التي اعتمدتها قمة بيروت 2002 وقدمتها السعودية والانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة ودعم موازنة دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني والتصدي لسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي المحتلة بما فيها الجولان السوري في ظل جهود الوساطة المصرية القطرية لهدنة طويلة الأمد في غزة.
مخاطر التسليح النووي
ويبحث وزراء الخارجية العرب مخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلام الدولي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، حيث يُعد التسلح الإسرائيلي خصوصاً ترسانتها النووية غير الخاضعة للرقابة الدولية تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي، وتشير تقديرات إلى أن إسرائيل تمتلك ما بين 80 إلى 400 رأس نووي ما يجعلها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية دون التصديق على معاهدة حظر الانتشار النووي.
وتُعتبر مبادرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية هدفاً إستراتيجياً للدول العربية أُطلقت عام 1974 وأُدرجت في قرارات الأمم المتحدة منذ 1980، تهدف إلى نزع جميع أسلحة الدمار الشامل «نووية وكيميائية وبيولوجية» من المنطقة، مع ضمان التزام جميع الدول بما في ذلك إسرائيل بمعاهدات الحد من التسلح.
أزمات المنطقة العربية
أخبار ذات صلة
يبحث وزراء الخارجية العرب الأوضاع في السودان وسط تصاعد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي أودت بحياة الآلاف وتسببت في نزوح واسع داخل السودان وخارجه وأزمة مجاعة تهدد نصف السكان البالغ عددهم 50 مليون نسمة، حيث فرّ نحو 13 مليون شخص من ديارهم ولجأ 4 ملايين إلى دول مجاورة وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، كما تشمل الملفات المهمة على جدول أعمال الدورة الـ163 تطورات الأوضاع في ليبيا واليمن والصومال والتضامن مع لبنان وأمن الملاحة وإمدادات الطاقة في الخليج العربي والسد الإثيوبي مع التأكيد على دعم وحدة وسيادة الصومال.
الأمن المائي العربي
يبرز ملف الأمن المائي كبند حيوي ضمن مناقشات وزراء الخارجية مع التركيز على «سرقة إسرائيل للمياه» في الأراضي المحتلة بما في ذلك الجولان السوري والضفة الغربية وضرورة التدخل الدولي لحماية الحقوق المائية العربية وفق اتفاقية جنيف الرابعة، كما يدعم الوزراء موقف مصر والسودان ضد الإجراءات الأحادية لإثيوبيا في سد النهضة، مطالبين باتفاق ملزم يضمن حصص المياه، ويناقشون إستراتيجيات لتعزيز الأمن المائي تشمل تطوير الموارد غير التقليدية «تحلية المياه وإعادة تدوير المياه المعالجة» وتحسين كفاءة الري بنسبة 20-30% عبر التقنيات الحديثة وإنشاء صندوق عربي مشترك لتمويل مشاريع المياه.
تحضيرات القمة العربية الـ34
يُناقش الوزراء تحضيرات القمة العربية الـ34 التي ستستضيفها بغداد في 17 مايو 2025 للمرة الأولى منذ 2012، وهو حدث يعكس عودة العراق إلى الساحة العربية بقوة بعد سنوات من التحديات الأمنية والسياسية، ويضمنون مشاركة واسعة للقادة العرب، إذ أُرسلت دعوات رسمية إلى قادة الدول العربية، وتتضمن التحضيرات وضع أجندة شاملة تتناول إعادة إعمار غزة والأمن المائي ومكافحة الإرهاب، إلى جانب تعزيز التكامل الاقتصادي عبر تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية.
التعاون الاقتصادي
يُعد ملف التعاون الاقتصادي أحد أهم الملفات على طاولة الوزراء، مع التركيز على تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي أُطلقت عام 1997 لإزالة الحواجز الجمركية وتسهيل التجارة البينية، لكن التقدم تباطأ بسبب التحديات السياسية واللوجستية إذ لم تتجاوز التجارة البينية 10% من إجمالي التجارة الخارجية العربية، ويبحث الوزراء سبل تسريع تنفيذ الاتفاقية عبر تبسيط الإجراءات الجمركية وتوحيد المعايير الفنية وتعزيز البنية التحتية للنقل واللوجستيات.
0 تعليق