"الدقة" الملاذ الوحيد للغزيين للنجاة من الموت جوعاً - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب عيسى سعد الله:


باتت "الدقة الغزية" الملاذ الوحيد للمواطنين في قطاع غزة، للنجاة من الموت جوعاً، بعد نفاد كل أشكال الطعام، وارتفاع أسعار ما تبقى منه في أسواق غزة الكئيبة.
فرغم مذاقها الحار وتأثيرها السلبي على الجهاز الهضمي والمغص والآلام الشديدة المصاحبة لكثرة تناولها، إلا أنها باتت الخيار الوحيد أمام أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة، يكابدون قسوة ومرارة الحصار والجوع.
ومع انعدام الأنواع الأخرى من الأطعمة، خاصة البيض والألبان والأجبان والبقوليات المعلبة والخضراوات، أصبحت "الدقة" الأمل الوحيد لدى الجوعى لإبقائهم على قيد الحياة.
وأصبحت "الدقة" في عيون الغزيين رمزاً للصمود ومواجهة قسوة الحصار في ظل عجز العالم عن إدخال الحد الأدنى من الطعام للقطاع، منذ أن أفشل الاحتلال التهدئة الأخيرة، والتي استمرت 42 يوماً، وبدأت في التاسع عشر من شهر كانون الثاني الماضي وانتهت في الأول من شهر آذار الماضي.
ورغم ارتفاع سعرها بشكل كبير مقارنة مع ما كانت عليه قبل الحصار، إلا أنها تبقى الأقل سعراً بين ما تبقى من طعام في القطاع، خاصة في ظل ارتفاع سعر كيلو الفلفل الأحمر المسحوق إلى 250 شيكلاً، واختفاء الزعتر من الأسواق.
ولم يمنع تردي جودتها مؤخراً المواطنين من التمسك بها لانعدام الخيارات الأخرى.
فقد أجبرت ظروف الحصار التجار والعطارين تحديداً إحداث تغييرات على مكوناتها، بسبب نفاد القمح وبعض البهارات الأخرى، وقد أثرت سلباً على مذاقها.
فبعد أن كان المواطنون يتفننون في إعدادها وحرصهم الشديد على تحضيرها بأنفسهم كل عام، في كرنفال شعبي توارثه المواطنون عبر العديد من الأجيال على مر عشرات السنين، استسلم هؤلاء لما سموه جشع بعض التجار الذين جاهروا بالتلاعب في مكوناتها لتحقيق أرباح كبيرة، كما ذكر المواطن سامي معروف، الذي أكد أن مذاق الدقة الحالية يختلف كثيراً عن مذاقها قبل الحرب، ولكنه أبدى رضاه عنها لعدم وجود خيارات أخرى.
وقال معروف، في منتصف الثلاثينيات من عمره، إن معظم طعامه يعتمد على الدقة والخبز فقط، مشيراً إلى أن أي نوع آخر من الطعام يحتاج إلى ميزانية عالية جداً تفوق قدرته وقدرة معظم المواطنين.
واشتكى معروف وكغيره ممن تحدثت معهم "الأيام" من الأوجاع والآلام الشديدة المصاحبة لاستمرار تناول أسرته للدقة، خاصة آلام البطن الحادة، بسبب احتوائها على كمية من الفلفل الحار المسحوق.
أما المواطن رامي الشرافي فقال إن "الدقة" أصبحت وجبة الفطور والغداء والعشاء، مؤكداً أنها أصبحت الوجبة الرئيسة للمواطنين والنازحين والمرضى والمنومين في المستشفيات.
واعتبر الشرافي أن "الدقة" تبقى شاهدة على قسوة ما يتعرض له المواطنون في قطاع غزة من جوع ومجاعة مميتة.
من جهته، قال المواطن يعقوب رباح إن "الدقة" بعد أن أصبحت من الأطعمة الموسمية أضحت طعاماً دائماً يسد رمق المواطنين، لكنها تتسبب له بمزيد من الأوجاع كالآلام الحادة في البطن والإسهال وغيرها، مبيناً أن كل هذه الآثار تبقى جانبية مع المجاعة المميتة التي قد تجهز على حياة الإنسان.
ويصر الاحتلال على عدم إدخال الطعام والمساعدات الغذائية الكافية لقطاع غزة، رغم الضغوط الكبيرة التي تمارسها بعض المنظمات الأممية، والتي تصدر يومياً تقارير مخيفة عن الأوضاع الكارثية التي يتعرض لها سكان القطاع، خاصة الموت جوعاً وإصابة آلاف الأطفال بإعاقات وتأخر في النمو نتيجة سوء التغذية، وعدم توفر الحليب والأطعمة الصحية.
ونفدت معظم الأصناف الغذائية من أسواق القطاع قبل أكثر من شهرين، وتوقفت جميع المطابخ الخيرية والمجتمعية و"التكايا" عن العمل، وأضحى المواطنون يقضون جل وقتهم بحثاً عمّا يسد رمقهم، ويحول دون موتهم جوعاً.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق