كتب عيسى سعد الله:
بات السطو على المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة، سواء عبر الآلية الإسرائيلية الأميركية، أو من خلال عبورها عبر الحواجز المؤدية للقطاع وسرقتها، مهنة من لا مهنة له في قطاع غزة.
ويتنامى عدد العاملين في هذه المهنة بشكل كبير، في ظل صعوبة وخطورة الوصول إلى أماكن توزيعها أو اعتراض الشاحنات التي تحملها، إضافة إلى ارتفاع الأسعار الذي يغري المواطنين بالانضمام إلى هذه المهنة الأخطر في العالم، نظراً إلى العدد الهائل من الذين استشهدوا في سبيل ذلك.
ورغم استشهاد أكثر من 550 مواطناً وإصابة نحو 5000 آخرين من طالبي وسارقي المساعدات، خلال الأسابيع السبعة الماضية، إلا أن أعداد المقبلين على هذا العمل، الذي يلقى معارضة شديدة في أوساط المواطنين، يزداد في ظل عدم سماح قوات الاحتلال لأي جهة أمنية أو مجتمعية بتأمين الشاحنات، أو القيام بتنظيم عملية استلام المساعدات عبر مواقع التسليم التي أعدها جيش الاحتلال، مؤخراً.
وشجّع الارتفاع الكبير في الأسعار شريحة واسعة من الشباب على الذهاب يومياً إلى مناطق تواجد المساعدات، أو الطرق التي تسلكها الشاحنات، رغم المخاطر العالية والمتاعب الشاقة في الوصول إليها.
ويضطر آخرون إلى المبيت لعدة أيام على جانب الطرق المتوقع مرور الشاحنات منها، أو بالقرب من مراكز التوزيع المحدودة للمساعدات التي يوزعها جيش الاحتلال عبر شركات أميركية في رفح والنصيرات، كما هو الحال مع المواطن حازم صالح في الثلاثينيات من عمره.
وأقر صالح بأن ارتفاع العائد المادي لهذه المهنة يشجعه على الذهاب يومياً إلى منطقة المساعدات للحصول على أكبر كمية يمكن أن يحملها ويعود بها إلى منطقة سكناه في مدينة غزة.
وبيّن العائد المادي الذي يحققه يومياً يتجاوز ألف شيكل كحد أدنى وهو قيمة كيس طحين زنة 25 كيلوغراماً، أو كيس ممتلئ ببعض السلع الغذائية الأخرى كالسكر وزيت الطهي والمعكرونة والعدس والطحينة والبسكويت وغيرها.
وأكد صالح أن الغالبية العظمى ممن يعترضون الشاحنات أو يذهبون إلى مراكز التوزيع هي شريحة لا تتغير وهي تمتهن المهنة.
من جهته، أشار المواطن عاهد الزين إلى أن المواطن العادي أو الضعيف جسدياً لا يستطيع المزاحمة والوصول إلى مناطق التوزيع، نظراً للازدحام الشديد، والجهد الكبير المتواصل الذي يحتاج إلى بذله في سبيل الحصول على المواد الغذائية، والتي من المفترض أن تكون مخصصة لجميع المواطنين.
وأوضح الزين أنه يذهب يومياً ويحصل في معظم أوقاته على مساعدات يقر ويعترف بأنها ليست من حقه بل من حق الجميع، ولكنه اعتبر ذلك أنه بديل عن تعطله عن العمل.
ونظراً لصعوبة وخطورة العمل في هذه المهنة، بسبب الشجارات والمشاكل المميتة التي تحصل أثناء عمليات السطو على المساعدات، لجأ البعض إلى تشكيل مجموعات تضم عدة أشخاص وأحياناً العشرات، لتحصيل أكبر كميات ممكنة من المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة.
وعزا الشاب مروان السعيد انضمامه إلى مجموعة كبيرة من المواطنين العاملين في السطو على المساعدات، إلى المخاطر التي تواجهه خلال عمله الفردي بعد أن تعرض للضرب أكثر من مرة من عصابات أخرى.
وأوضح أن العمل ضمن جماعات يضمن الحصول على كمية من المساعدات بشكل يومي، رافضاً التوقف عن العمل في هذه المهنة التي تصادر حقوق الآخرين.
ورغم إقراره بأنه يحصل على حق غيره إلا أنه اتهم جيش الاحتلال بتعطيل وصول الشاحنات إلى المخازن والمستودعات الخاصة بالمؤسسات الأجنبية والأممية.
ولفت إلى أن معظم المواطنين الذين يحصلون على المساعدات لا يتغيرون، خاصة مع صعوبة الوصول إلى المناطق التي تقع في مناطق عسكرية خطرة جداً.
0 تعليق