هل تُجرى الانتخابات العراقية في موعدها ؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في سياق الاستعدادات للانتخابات النيابية العراقية المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر القادم، تتصاعد وتيرة الخلافات السياسية والانقسامات بين القوى الفاعلة، ما يلقي بظلال من الشك على مصير العملية الانتخابية برمتها، وانعكاسات ذلك على عموم المشهد السياسي الذي بات أكثر تعقيدًا مع تزايد حدة الصراعات الداخلية وتدخل أطراف خارجية.

تتجلى حالة الاحتقان السياسي في العراق بوضوح عبر تصريحات ومواقف العديد من الشخصيات المؤثرة. إذ أثار رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، الجدل بتلميحاته حول احتمال تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، ما زاد من حالة القلق العام.

ولم يكن تصريح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، أقل تأثيرا، إذ لفت إلى أن المنطقة وليس العراق وحده قد تشهد أحداثًا كبرى في الشهر القادم، قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات.

هذه التصريحات، لم تكن مجرد آراء شخصية، بل عكست انقسامات عميقة ظهرت جليًا في الخلاف بين رئيس البرلمان ونائبه حول كيفية تمرير القوانين. في وقت تصاعدت فيه حرب الملفات بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وهي حرب تسلط الضوء على الصراعات بشأن النفوذ والسلطة.

وفي خطوة مثيرة للجدل، تم إقصاء عدد كبير من المرشحين بحجة شمولهم بقانون المساءلة والعدالة، رغم أن بعضهم كانوا نوابًا لأكثر من دورة برلمانية، ما يثير تساؤلات حول استخدام هذا القانون من القوى المتنفذة كأداة للإقصاء السياسي ضد الخصوم، في حين لم تشمل إجراءات المساءلة والعدالة ذات المشمولين بها عندما كانوا ينتمون لنفس القوى المتنفذة.

لم تكن الخلافات السياسية وحدها هي ما يشعل الأجواء، بل أضافت الحوادث الأمنية بعدًا جديدًا للتوتر، وجاءت حادثة دائرة الزراعة في بغداد، التي شهدت مصادمات مسلحة بين عناصر من مليشيا كتائب حزب الله والقوات الأمنية الرسمية، لتكشف هشاشة الوضع الأمني وعمق الانقسام بين المؤسسات الرسمية والجماعات المسلحة.

وأثارت نتائج اللجنة التحقيقية، التي أعلنت تقصير عناصر الكتائب وأعفت آمري الألوية في الحشد الشعبي، غضب المليشيا، ما أدى إلى توتر إضافي في العلاقة بين رئيس الوزراء وهذه القوى. وتجلّى هذا التوتر بوضوح في تغريدة «أبو علي العسكري» التي حاول فيها التقليل من شأن المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية في تحدٍ صريح لسلطة الدولة.

وفي ضوء تعقيدات المشهد السياسي والأمني، وضبابية مواقف بعض القوى السياسية التي تناور لتحقيق المكاسب، يجد الساسة أنفسهم أمام خيار تدعمه بشكل خاص أطراف السياسية الداعمة للمليشيات العراقية، التي ترى في الانتخابات فرصة للحصول على أغلبية نيابية تمكنها من تمرير قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان لضمان نفوذها وسلطتها المهددة بضغوط دولية تدعو لعدم تمرير القانون وأحيانا تهدد بفرض عقوبات على الدولة العراقية.

ويبرز الخيار الآخر لدى أطراف أخرى ترى مصلحتها في تأجيل الانتخابات، وهو خيار ينسجم إلى حد ما مع الرؤية الأمريكية والبريطانية التي عبر عنها السفير البريطاني في العراق، حين أشار إلى انتفاء الحاجة لوجود الحشد الشعبي بعد انتهاء خطر داعش، وضرورة حل الحشد ودمج مقاتليه في المؤسسة العسكرية الرسمية، وهو ما ترفضه المليشيات حتى الآن وترى فيه تهديدا وجوديا.

وتخشى قوى إقليمية من أن يقود تأجيل الانتخابات إلى حتمية تشكيل حكومة طوارئ، ما قد يهدد نفوذها السياسي والعسكري في العراق. لهذا، جاءت زيارة مستشار الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، إلى بغداد لحث الأطراف السياسية على إجراء الانتخابات في موعدها وضرورة إقرار قانون الحشد الشعبي، في محاولة للحفاظ على مكاسبها.

وفي المقابل، تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على الحكومة العراقية بعدم إقرار قانون الحشد، وتهدد بعواقب وخيمة في حال عدم حل هذه الفصائل ودمجها في الجيش الرسمي.

ويبقى السؤال الذي يشغل بال العراقيين، هل ستجرى الانتخابات النيابية في موعدها؟ أم أن الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية في القرار العراقي ستدفع الأمور نحو تشكيل حكومة طوارئ، لتظل العملية السياسية محكومة بالتجاذبات والمصالح المتضاربة؟.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق