انخفاض مؤشر الدولار 8% هذا العام
الأسعار تقفز 25% في أقل من 4 أشهر
4000 دولار هدف متوقع في 2026
شهدت أسعار الذهب صعوداً تاريخياً مع تزايد إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن نتيجة الاضطرابات التجارية الأخيرة، في حين تراجعت الأصول المنافسة، مثل سندات الخزانة الأمريكية والدولار.
وقال فيفيك دار، مدير أبحاث التعدين وسلع الطاقة في «كومنولث بنك» الأسترالي: «ما جعل التوجه الأخير نحو السبائك الذهبية، بوصفها الملاذ الآمن، فريداً من نوعه هو أن الأصول الأخرى كالدولار وسندات الخزانة الأمريكية تعاني تراجعاً في الطلب وفقداناً للجاذبية من قبل المستثمرين. وهذا مرتبط بالتحول الجذري في السياسة التجارية المتبعة في عهد الرئيس دونالد ترامب».
وارتفعت أسعار الذهب الفورية بنسبة 25% حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية. وسجّلت قمماً جديدة وصلت إلى 3500 دولار للأونصة قبل يومين، مع توقعات بالمزيد. وبحسب بنك «جيه بي مورغان»، قد يصل سعر المعدن النفيس إلى 4000 دولار للأونصة بحلول الربع الثاني من عام 2026، وبمتوسط 3675 دولاراً بحلول الربع الرابع من عام 2025.
السندات ومؤشر الدولار
وعلى النقيض من ذلك، شهدت سندات الخزانة الأمريكية عمليات بيع مكثفة في الأسابيع الأخيرة، حيث بلغ عائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2023 في وقت سابق من هذا الشهر. كما ظل مؤشر الدولار الأمريكي يتراجع، وانخفض بنسبة 8% حتى الآن هذا العام.
وصرّح جون ريد، استراتيجي السوق في مجلس الذهب العالمي، لشبكة «سي إن بي سي» بأنه على الرغم من أن هذا أبعد ما يكون عن «موت الدولار الأمريكي»، فمن الإنصاف القول إن الثقة في الولايات المتحدة واقتصادها وأصولها الرئيسية، من عملة وسندات الخزانة، قد تضاءلت.
لماذا حُمى الذهب؟
يبدو أن العلاقة العكسية التقليدية بين عوائد سندات الخزانة والذهب قد انهارت. فعادةً، عندما ترتفع العوائد، تصبح السبائك أقل جاذبية نظراً لارتفاع تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، وانعدام الفوائد.
وقال مايكل رايان، المحاضر في كلية المحاسبة والمالية والاقتصاد بجامعة وايكاتو:إن قدرة الذهب على التحوط من التضخم تجعله مميزاً. ومن المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ما يعني نمو أسعار الفائدة مستقبلاً، ما يضغط بدوره على سندات الخزانة.
كما أنه، وعلى عكس العملات أو السندات الحكومية، لا يحمل الذهب أي مخاطر ائتمانية، ولا يرتبط بالمسار الاقتصادي أو السياسي لدولة واحدة. ولأن الأسواق تنظر على نطاق واسع إلى حرب التعريفات الجمركية التي شنها ترامب على أنها خطأ سياسي، فقد عزز استقلال الذهب المُتصور عن أي سياسة نقدية ومالية من جاذبيته.
ومما يزيد من بريق الذهب تراجع جاذبية الدولار الأمريكي. فضعف الدولار يجعل السلع المُسعرة به، بما في ذلك الذهب، أكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى.
بديل العملة احتياطية!
وأشار دار، من بنك الكومنولث، إلى أن الدول قد أدركت أن الذهب يُمثل تحوطاً محتملاً ضد تجميد الولايات المتحدة لاحتياطياتها من العملات الأجنبية لعدم توافقها مع سياستها.
لكن على الرغم من أن عمليات بيع الدولار كانت مفيدة للذهب، إلا أنه لا يزال من الصعب تصور مستقبل يشهد تحولاً جوهرياً عن العملة الأمريكية، نظراً لتكاليف نقل وتخزين الذهب - ناهيك عن أن كون السبائك أصلاً لا يُدر فوائد يحد من جاذبيتها.
ورغم إعادة تقييم وضع سندات الخزانة الأمريكية بوصفها «ملاذاً آمناً» والبحث عن بدائل، إلا أنه لا يزال من الصعب للغاية استبدالها، فهي«السوق الأكثر سيولة في العالم»، بحسب تود برايتون، مدير محفظة «فرانكلين إنكوم إنفستورز». الذي قال: «إن التخلي عن سندات الخزانة الأمريكية كملاذ آمن، واستبدالها بآخر، لن يحدث في أي وقت قريب مع تحولنا نحو عالم أكثر تعددية».
0 تعليق