ثلاث أساطير للعولمة وخمس للتجارة الحرة (2-2) - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

د. عبد العظيم حنفي *

تري الدراسات أن هناك خمس أساطير تتعلق بالتجارة الحرة التي تعرف عادة باعتبارها غياب القيود الحكومية على تدفقات البضائع والخدمات عبر الحدود مع أقل قدر من التنظيم المسموح به.

ويجادل بعض نقاد العولمة المعتدلين بأن التجارة الحرة هي بالفعل ذات باع طويل جداً، كما أن المنافع موزعة بعدالة، كما يقول البعض أن التجارة الحرة أمر جيد، لكن تلك الدارسات ترى أن هناك خمس أساطير للتجارة الحرة ترتبط بأساطير العولمة الثلاثة وهي:

(1) أن التجارة مندمجة منذ القدم في الطبيعة الإنسانية.

(2) أن التجارة الحرة والأسواق الحرة والمبادرة الخاصة هي الأفضل لمعظم التبادلات.

(3) أن الميزة النسبية هي أفضل أساس لكل أنواع التبادل للسلع والخدمات.

(4) أن المتاجرة والتجارة الحرة لهما، في حالة الاتزان فوائد إيجابية صافية غامرة لكل المعنيين.

(5) أن حجم التجارة قد ازداد بالتدريج بمرور الوقت وهو ما يشير إلى حتمية العولمة.

وتري تحليلات تلك الدراسات أن تلك الأساطير تحتوي على بذور الحقيقة وهي لا ترفض هذه التأكيدات الخمسة بالكامل –فالتجارة قديمة وقد ارتفعت بمرور الوقت- ولكنها تجادل بأنها مبالغ فيها على وجه الخصوص وأسيء فهمها جزئياً وجرى تبسيطها بصورة مخلة ولا تتماشي دائماً مع الأدلة.

وبصفة عامة تقيم تلك الدراسات قضيتها ضد مذهب التجارة الحرة على أربعة أسس عامة:

(1) أنها مبسطة تبسيطاً زائداً عن الحد وتعتمد اعتماداً مفرطاً على أساطير وفرضيات مشكوك فيها.

(2) أنها تحذف مدى من الاعتبارات غير الاقتصادية.

(3) أنها تمثل فقط الوسائل وتخفق في الحساب الصحيح للغايات أو الأهداف.

(4) أنها تستلزم تغيرات تكون مع الكثير من الضغوط التكنولوجية والتنموية لا تحظي بالإجماع على القبول بها.

إن الكتب الدراسية للتجارة والأبحاث والتقارير تبدو بالغة التعقيد، تعج بمجاميع من الإحصاءات والرسوم البيانية والاقتصاد القياسي، لكن بالفحص الدقيق تجد تلك الدراسات أنها في الغالب تقوم على فرضيات ضيقة ومبسطة إلى حد كبير.

صرح الاقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان ذات مرة أنه لا يهم إذا كانت الافتراضات غير واقعية ما دام أن النظريات قد اختبرت بقدر كاف، لكن المشكلة تكمن في تعريف «الواقعية» و«الكفاية» لأن الفروض يمكن أن تشكل النتائج.

إن أنصار السوق الحرة يجادلون بأن التجارة الحرة هي السياسة التجارية المثلى بالمقارنة مع الحماية، لأنه من الناحية النظرية من المفترض أنها تجعل كل فرد أفضل اقتصادياً بدون أن تجعل أي فرد أسوأ مما كان ولأنها في التطبيق على حسن الزعم تنتج دخلاً أعلى وتحقق نمواً اقتصادياً أسرع من الحماية.

إن القاعدة غير المكتوبة لأنصار التجارة الحرة هي أن الميزة النسبية للسياستين، السياسة الحرة أو الحماية تتوقف على أي منهما يمكنه أن ينتج دخلاً أعلى، فهم يزعمون أن التجارة الحرة هي التي تفعل ذلك دائماً في الغالب ويقبل بعض النقاد بتلك القاعدة.

في حين يرى أنصار الحماية العكس وخصوصاً أن التجارة الحرة تحبس البلدان عند درجة متدنية من سلم التنمية.

ويتشكك البعض في المفهوم الأساسي للميزة النسبية. على النقيض ترى تلك الدراسات المدى الأوسع من المعايير التي ينبغي استخدامها وليس مجرد الدخل والنمو وأن مذهب «المكاسب من التجارة» هو أكثر إشكالاً من الميزة النسبية، فمع معيار أوسع من مجرد المعيار الاقتصادي تجد تلك الدراسات أن قضية التجارة الحرة تضعف إلى حد كبير.

* أكاديمي مصري

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق