25 أبريل 2025, 5:59 مساءً
حين تطّلع على التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 في عامها التاسع، تُدرك أن ما يُبنى اليوم ليس مجرد مشاريع ولا مؤشرات نمو بل نهج دولة قررت أن تكون الشفافية هي العنوان والمساءلة هي القاعدة والتطوير المستمر هو الطريق الذي لا عودة منه وصولاً إلى الطموح الذي لا حدود له.
الرؤية، منذ انطلاقتها، لم تكن وعدًا مستقبليًا فضفاضًا بل التزامًا وطنيًا صريحًا، جاء محكم الصياغة دقيق المعالم واضح الأهداف وقابلًا للقياس، أُسست بروح تُدرك أن التحوّل الحقيقي لا يُقاس بما يُنجز فقط، بل بكيفية الإنجاز، وبالقدرة على مواجهة التحديات بوعي لا بإنكار.
وها هو تقرير العام 2024م يضع بين أيدينا تجربة ناضجة تُروى بلغة الأرقام لا المانشيتات، وبمحتوى يعرض المنجزات إلى جانب التحديات، في توازن يعكس رؤية واعية لطبيعة التحول ومسؤولياته، ويؤكد التزامًا مستمرًا بالتقييم والتطوير، مع إظهار تام للشفافية على أنها ليست مجرد قيمة أخلاقية تُضاف إلى خطاب رسمي، بل سياسة مُفعّلة ومعلنة تمارسها الدولة عن وعي كامل بأثرها، حيث تُستخدم الأرقام لقراءة الواقع بدقة، وتشخيصه بعين ناقدة، وعرضه على المجتمع كشريك.
هذا التحوّل الذي تتحدث عنه الوثائق ليس سطحيًا، ولا محدودًا بزمن أو قطاع، بل إعادة تعريف شاملة لمفهوم التنمية من بناء القدرات الوطنية، وتمكين المرأة والشباب، إلى تنويع الاقتصاد، ورفع كفاءة الإنفاق، وتأسيس نموذج تنموي يُراعي الاستدامة، ويستثمر في الإنسان قبل كل شيء، فربما أهم ما في التقرير، ليس ما أُنجز – وهو كثير – بل الطريقة التي يُعرض بها هذا الإنجاز بقدر من الصدق يندر في تجارب التنمية الكبرى، وبلغة مؤسسية تُعلي من شأن البيانات، وتحترم عقل القارئ، ولا تخشى من كشف مكامن القصور باعتبارها جزءًا من مسيرة التحسين لا دليلاً على التعثر.
تسع سنوات مضت والرؤية لم تفقد وهجها بل ازدادت وضوحًا ورسوخًا.
واليوم، تعيد الدولة التأكيد على أن الطموح الوطني لا يسير في الظل بل في وضح النهار، وأن المساءلة ليست محطة نهاية بل ركيزة انطلاق نحو مراحل أكثر نضجًا وعمقًا وتأثيرًا.
0 تعليق