عاجل

كنا نعتقد أن هناك طريقة واحدة.. دراسة : الدماغ يستخدم عدة طرق لتخزين المعلومات والذكريات - اخبار الكويت

0 تعليق ارسل طباعة
تم النشر في: 

27 أبريل 2025, 10:56 صباحاً

يتعلم الناس باستمرار ويكوّنون ذكريات جديدة يوميًا. عندما تبدأ هواية جديدة، أو تُجرّب وصفةً أوصى بها صديق، أو تقرأ آخر الأخبار العالمية، يُخزّن دماغك العديد من هذه الذكريات لسنوات أو عقود.

ولكن كيف يُحقق دماغك هذا الإنجاز المذهل؟

وفي دراسة حديثة نشرت نتائجها في مجلة " Science" حدد الباحثون بعض "القواعد" التي يستخدمها الدماغ للتعلم.

التعلم في الدماغ

يتكون دماغ الإنسان من مليارات الخلايا العصبية. تُوصل هذه الخلايا العصبية نبضات كهربائية تحمل المعلومات، تمامًا كما تستخدم أجهزة الكمبيوتر الشيفرة الثنائية لنقل البيانات.

تتواصل هذه النبضات الكهربائية مع الخلايا العصبية الأخرى من خلال وصلات بينها تُسمى المشابك العصبية. تمتلك كل خلية عصبية امتدادات متفرعة تُعرف باسم التغصنات، والتي يمكنها استقبال آلاف المدخلات الكهربائية من خلايا أخرى. تنقل التغصنات هذه المدخلات إلى الجسم الرئيسي للخلية العصبية، حيث تقوم بدمج جميع هذه الإشارات لتوليد نبضاتها الكهربائية الخاصة.

إن النشاط الجماعي لهذه النبضات الكهربائية عبر مجموعات محددة من الخلايا العصبية هو ما يُكون صورة المعلومات والتجارب المختلفة داخل الدماغ.

مشكلة الدراسة

وبحسب موقع "ميديكال إكسبريس"، لعقود من الزمن، اعتقد علماء الأعصاب أن الدماغ يتعلم من خلال تغيير طرق وقوة اتصال الخلايا العصبية ببعضها بعضًا. فمع تغير المعلومات والتجارب الجديدة في كيفية تواصل الخلايا العصبية مع بعضها بعضًا وتغيير أنماط نشاطها الجماعي، تزداد قوة بعض الوصلات المشبكية بينما يضعف بعضها الآخر.

وأن هذه العملية من اللدونة المشبكية (القوة والضعف) هي ما يُنتج صور المعلومات والتجارب الجديدة داخل دماغك.

لكي يُنتج دماغك الصور الصحيحة للمعلومات أثناء التعلم، يجب أن تخضع الوصلات المشبكية الصحيحة للتغييرات الصحيحة في الوقت المناسب.

وكانت المشكلة الرئيسة هي أن "القواعد" التي يستخدمها الدماغ لاختيار الوصلات العصبية التي سيغيرها أثناء التعلم لا تزال غير واضحة إلى حد كبير.

تحديد القواعد.. تجربة تعلم الفئران

ولحل هذه المشكلة وفهم ما يحدث، قرر الباحثون مراقبة نشاط الوصلات المشبكية الفردية داخل الدماغ أثناء التعلم لمعرفة تحديد أنماط النشاط التي تُحدد أي الوصلات ستزداد قوة أو ضعفًا.

وللقيام بذلك، قام الباحثون بوضع رموز لمُستشعرات حيوية وراثيًا في الخلايا العصبية للفئران، بحيث تُضيء المستشعرات استجابةً للنشاط المشبكي والعصبي، وقام الباحثون بمراقبة هذا النشاط في لحظة تعلم الفئران مهمة تتضمن الضغط على رافعة إلى موضع مُعين بعد إشارة صوتية للحصول على الماء.

مفاجأة أثناء التجربة

فوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أن الوصلات العصبية على الخلية العصبية لا تتبع جميعها القاعدة نفسها لتوصيل المعلومات على سبيل المثال، لطالما اعتقد العلماء أن الخلايا العصبية تتبع ما يُسمى بقواعد هيب، حيث تترابط الخلايا العصبية التي تُطلق إشاراتها العصبية معًا باستمرار.

بدلاً من ذلك، لاحظ الباحثون أن المشابك العصبية في مواقع مختلفة من التغصنات العصبية التي تستقبل المعلومات للخلية العصبية نفسها التي تتبع قواعد مختلفة لتحديد ما إذا كانت الروابط تزداد قوة أو ضعفًا.

بعض المشابك العصبية التزمت بقاعدة هيب التقليدية (التواصل المعروف)، حيث تُعزز الخلايا العصبية التي تُطلق إشاراتها العصبية معًا باستمرار روابطها. في حين أن مشابك عصبية أخرى فعلت شيئًا مختلفًا ومستقلاً تمامًا عن نشاط الخلية العصبية.

نتائج الدراسة.. مجموعتان مختلفتان من قواعد التعلم

تشير نتائج الدراسة إلى أن الخلايا العصبية، من خلال استخدامها في وقت واحد لمجموعتين مختلفتين من قواعد التعلم عبر مجموعات مختلفة من المشابك العصبية، بدلاً من قاعدة موحدة واحدة، يمكنها ضبط أنواع المدخلات المختلفة التي تتلقاها بدقة أكبر لتمثيل المعلومات الجديدة في الدماغ بشكل مناسب.

بعبارة أخرى، تتبع خلايا الدماغ قواعد مختلفة في عملية التعلم، حتى تتمكن الخلايا العصبية من القيام بمهام تعلم متعددة وأداء وظائف متعددة بالتوازي تحدث في اللحظة نفسها.

حيث كان على الفئران مهمة انتظار إشارة صوتية ثم مهمة الضغط على رافعة إلى موضع مُعين للحصول على الماء.

التطبيقات المستقبلية

يوفر هذا الاكتشاف فهمًا أوضح لكيفية تغير الروابط بين الخلايا العصبية أثناء التعلم. بما أن معظم اضطرابات الدماغ، بما في ذلك حالات الأمراض التنكسية والنفسية كالاكتئاب، تحدث بسبب مشكلات في تواصل المشابك العصبية، فإن هذا قد يكون له آثار مهمة على صحة الإنسان والمجتمع.

على سبيل المثال، قد يتطور الاكتئاب نتيجة ضعف مفرط في الوصلات المشبكية داخل مناطق معينة من الدماغ، مما يجعل من الصعب الشعور بالمتعة. من خلال فهم آلية عمل اللدونة المشبكية بشكل طبيعي، قد يتمكن العلماء من فهم ما يحدث بشكل أفضل في الاكتئاب، ومن ثم تطوير علاجات لعلاجه بشكل أكثر فعاليّة.

قد يكون لهذه النتائج أيضًا آثار على الذكاء الاصطناعي. فقد استُلهمت الشبكات العصبية الاصطناعية التي يقوم عليها الذكاء الاصطناعي إلى حد كبير من آلية عمل الدماغ.

الطريق لا يزال طويلاً لفهم كل قواعد التعلم

مع ذلك، فإن قواعد التعلم التي يستخدمها الباحثون لتحديث الروابط داخل الشبكات وتدريب النماذج عادةً ما تكون موحدة، كما أنها غير معقولة بيولوجيًا. قد يوفر بحثنا رؤى ثاقبة حول كيفية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر واقعية بيولوجيًا، وأكثر كفاءة، وأداءً أفضل، أو كليهما.

لا يزال الطريق طويلاً قبل أن نتمكن من استخدام هذه المعلومات لتطوير علاجات جديدة لاضطرابات الدماغ البشري.

لا نعرف لماذا تستخدم الروابط العصبية طرقًا مختلفة؟

وبينما وجدنا أن الروابط المشبكية على مجموعات مختلفة من التغصنات تستخدم قواعد تعلم مختلفة، فإننا لا نعرف بالضبط سبب أو كيفية ذلك. بالإضافة إلى ذلك، في حين أن قدرة الخلايا العصبية على استخدام أساليب تعلم متعددة في وقت واحد تزيد من قدرتها على ترميز المعلومات، إلا أن الخصائص الأخرى التي قد يمنحها ذلك لم تتضح بعد.

نأمل أن تجيب الأبحاث المستقبلية عن هذه الأسئلة، وأن تعزز فهمنا لكيفية تعلم الدماغ.

أخبار ذات صلة

0 تعليق