عاجل

حديث ناصر ــ القذافي.. دول الشعارات ودول العمل والتنمية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
استحوذ تسجيل الاتصال بين الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر ومعمر القذافي الذي انفجر فجأة على السوشيال ميديا بعد 55 عاماً من حدوثه، استحوذ على اهتمام واسع بمحتواه وتوقيت بثه ومن الجهة أو الجهات التي تقف وراءه واختارت هذا التوقيت لإطلاق عاصفته.

كانت الخمسينات والستينات من القرن الماضي هي ذروة الخطاب الناصري الصاخب الذي يريد رمي إسرائيل في البحر وتوحيد الأمة العربية (تحت راية ناصر طبعاً) بعد إسقاط أنظمتها القائمة، وتخليصها من هيمنة الرجعية والامبريالية وما هو أسوأ من صفات كان يطلقها على الدول العربية وحكامها، الملكية بالتحديد.

تبنى ناصر الانقلابات في اليمن وليبيا والعراق وجاهد أن يحدث ذلك في السعودية، أنشأ وحدة تعسفية خيالية بين مصر وليبيا، وحوّل لبنان إلى ساحة لمخابراته تتحكم فيها، وورّط مصر والعرب في حرب رعناء خسرت فيها سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس، كأقسى هزيمة عسكرية ومعنوية للجيش المصري الذي دخلها بفارق كبير بينه وبين الجيش الإسرائيلي في التسليح والتقنية، ودون حساب مسبق لتدخل أمريكا الحتمي لدعم إسرائيل.

الغريب أنه بعد الهزيمة المريرة استمر الخطاب الناصري حاضراً يدافع عنها ويبررها ويعد بحرب أخرى، بينما الزعيم الناصري نفسه -كما جاء في تفاصيل المحادثة- بدأ يعلن صرف النظر عن المواجهة، وعن القضية الفلسطينية برمتها، ويحلم فقط باسترجاع سيناء. كان الزعيم المهزوم يسخر من بعض العرب وقادتهم حتى وهو في قاع الهزيمة، ومعه جوقة الناصريين المغيبين الذين يرددون شعارات النصر وكأنهم مسحوا إسرائيل من خارطة العالم.

تلك الفترة كانت سبباً رئيسياً في كثير من كوارث العالم العربي التي لا تقتصر على الحرب العبثية التي أضاعت الأرض، لقد خلقت جيلاً منفصلاً عن الواقع، متعامياً عن الحقائق، متعايشاً مع الواقع السيئ الذي يعيش فيه دون أي محاولة لتغييره. في حديث ناصر المشار إليه إيحاءات كثيرة، بل اعترافات واضحة بخطأ ما صار بسبب سياسته الشعاراتية التي دجنت الشارع العربي وحولته إلى قطيع كبير يردد شعاراته دون تفكير.

الآن، وبعد أكثر من نصف قرن على تلك المرحلة نرى أن كل الدول العربية التي تدخل فيها ناصر بالانقلاب على أنظمتها تحولت إلى دول فاشلة أو قريبة من الفشل، بينما الدول التي كان يصفها بالرجعية والبداوة والجهل تنافس أرقى دول العالم في العلم والتنمية والاقتصاد والأمن والاستقرار.

الأوطان لا تبنيها الشعارات والقرارات الهوجاء، بل تبنيها مؤسسات الحكم الراشدة الحكيمة العاقلة التي تريد الحياة الكريمة لمواطنيها.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق