كتب يوسف الشايب:
قررت إدارة مؤسسة الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، تحويل إحياء ذكرى استشهاده السابعة والثلاثين، إلى ندوة تحدث فيها المشاركون عن حرب الإبادة، ومخططات التهجير، وآليات التصدي لها، استضافتها، مساء أمس، قاعة المنتدى في متحف ياسر عرفات.
وفي أمسية إحياء ذكرى الوزير، التي أدارها عبد الفتاح دولة، الناطق باسم حركة فتح، تحدث د. أحمد صبح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات عن دور "أبو جهاد" الريادي في النضال الوطني، وعن علاقته الاستثنائية بالرئيس الشهيد ياسر عرفات، سارداً العديد من الحكايات عنه، وعن دوره في شحذ الهمم في أحلك الأوقات.
من جهتها آثرت د. حنان الوزير، رئيسة مؤسسة خليل الوزير، وابنة "أمير الشهداء"، الحديث عن حكايات من سيرته، بينها تهجيره القسري حين كان طفلاً، وكيف أنقذته والدته من رصاصة أحد مسلحي العصابات الصهيونية بعد أن أصر، على عكس رغبة القاتل، في إحضار الكيس الذي يحوي طعام العائلة، فاستشهد صديقه وجاره الطفل، فلم يقتل برصاصة وقت النكبة، لكنه اغتيل بسبع وسبعين رصاصة بعدها بأربعين عاماً، مستعرضة مسيرة نضالية استثنائية في ذكراه التي تتزامن مع تواصل حرب الإبادة على قطاع غزة، التي يرمي الاحتلال وأنصاره لتهجير سكانه، فيما تتعرض مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية للتدمير الممنهج، فيما يستمر الاحتلال بسياساته العنصرية عبر تهويد القدس، وسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية، وسياسات القتل والاعتقال والتنكيل اليومي، كما تتزامن ويوم الأسير الفلسطيني، ومرور أربعة وعشرين عاماً على اعتقال "القائد مروان البرغوثي"، ومرور 77 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، التي عايشها خليل الوزير بنفسه، واستذكر على الدوام سقوط مدينة الرملة، ومشاهداته من نوافذ الكنيسة التي لجؤوا إليها، حيث الجثث الملقاة على الأرض.
وفيما شدد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، على دور الوزير الريادي في توحيد ساحات النضال الفلسطيني ضد المحتل داخل الأرض المحتلة وخارجها، وأكد ضرورة استذكاره بالسعي إلى وقف حرب الإبادة على غزة، ومنع التهجير، مؤكداً أن لا وصف يمكن أن يعبر عن بشاعة ما يحدث في القطاع، معرجاً بالتفصيل إلى سياسات ومساعي الاحتلال في تهجير أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين الصامدين على أرضهم، أو اللاجئين في داخل الأراضي المحتلة العام 1948.
وأشار بركة إلى سياسات اعتقال كل من ينتصر، ولو بكلمة، لنضالات شعبه في غزة، أو يستنكر جرائم الاحتلال فيها وفي الضفة، وكان من أوائل من تم اعتقاله في أعقاب حرب الإبادة، علاوة على السياسة الممنهجة، والآخذة بالتصاعد، في دعم حالة الفلتان، وانتشار عصابات وسلاح قتل الفلسطيني للفلسطيني في الأراضي المحتلة العام 1948، حيث يقدر عدد الأسلحة لدى الفلسطينيين في الداخل بما يزيد على 60 ألف قطعة سلاح، وهو ما من المفترض أن يتعارض مع سياسات الاحتلال في منع ما يصفونه بالإرهاب، لافتاً إلى وأد الاحتلال محاولات إيجاد حل دائم لهذه الفوضى المأساوية، عبر لجنة ترأسها الشيخ رائد صلاح، وحققت إنجازات غاية في الأهمية، قبل اعتبارها من السلطات الإسرائيلية لجنة إرهابية، وحظر عملها، خاصة حين بدأت في الوصول إلى قمة الهرم في هذه العصابات، ومحاولة إثنائها عما تقوم به، منوهاً إلى أن مخططات تهجير الفلسطينيين لا تقتصر على سكان قطاع غزة، الذين لا يمكن مقارنة أي مأساة بمآسيهم، بل تطال أيضاً سكان الضفة الغربية بما فيها القدس، والفلسطينيين في الداخل المحتل، فالمشروع الصهيوني لا يقوم فقط على الاستيلاء على الأرض، بل بتغريب الفلسطيني عن هويته، وعن أبناء شعبه، وعن أرضه السليبة، أو التي يجري التخطيط لسلبها.
بدوره تحدث د. أحمد أبو هولي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومسؤول دائرة اللاجئين فيها، عن مساعي الاحتلال الحثيثة لتهجير الفلسطينيين في كامل الجغرافيا الفلسطينية، سواء بالاستهداف المباشر بالقتل والإبادة كما يحدث في غزة، أو باستهداف المخيمات كما في شمال الضفة، أو في تضييق الخناق على أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة، غير متجاهل خطورة استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، واعتبارها إسرائيلياً مؤسسة إرهابية محظورة.
وكشف أبو هولي، في حديث عن مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك للاجئين في العاصمة السورية دمشق، حيث يرقد جثمان الشهيد خليل الوزير، الذي اغتيل في تونس، والكثير من شهداء الثورة والشعب الفلسطيني، أن الرئيس محمود عباس بصدد التوجه إلى العاصمة السورية قريباً، والالتقاء بالقيادة السورية الجديدة، والتأكيد لأبناء الشعب الفلسطيني هناك دعم قيادتهم لهم، ولتمسكهم بحقهم في العودة، متحدثاً عن دور دائرة اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية في الحفاظ على حقوق اللاجئين في كافة أماكن وجودهم، داخل فلسطين، وفي دول الجوار، وخاصة الأردن، وسورية، ولبنان.
واختتمت ندوة إحياء ذكرى استشهاد القائد خليل الوزير، بمداخلة لرائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية، تطرق فيها إلى الواقع الفلسطيني في ظل القانون والمعاهدات الدولية، التي وجد أنها وقفت، رغم القرارات المهمة التي اتخذت في إطارها، عاجزة على تحقيق ما هو ملموس على أرض الواقع، مشدداً كمن سبقوه على أهمية المواءمة بين العمل القانوني لإدانة جرائم الحرب الإسرائيلية، والعمل السياسي في الداخل عبر المصالحة، وفي الخارج عبر تعزيز الشراكات والعلاقات مع دول بدأت تبدي مناهضة لسياسات الاحتلال، وسياسات الولايات المتحدة في عهد ترامب، خاصة الدول الأوروبية.
0 تعليق