من عمل لآخر تجده متمرداً على نفسه باختياراته لأدواره، عاشقاً للقضايا الشائكة التي تطرح تساؤلات مختلفة وتثير الجدل، انتقل إياد نصار بآخر مشاريعه الدرامية بمسلسل «ظلم المصطبة»، الذي عرض في النصف الثاني من موسم دراما رمضان الماضي لعام 2025، إلى قضية جديدة حول الأحكام العرفية في الريف المصري، ولعب شخصية «حسن» التي قدمها بوعي كبير، تاركاً المُشاهد يعيش معه في تلك الرحلة التي يطرح فيها كثير من التساؤلات.
كل ذلك دفع الفنان الأردني للبحث والتعمق في اختيار قضايا خلفها واقع ملموس تحترم عقلية الجمهور، فأصبح اسمه على كل عمل فني شعاراً للتجدد والتحرر من القضايا المسكوت عنها.
«عكاظ» التقت به في حوار كشف فيه الكثير من الأسرار والكواليس عن مشروعه الأخير مسلسل «ظلم المصطبة»، وكيف قرأ شخصية «حسن» ورسم ملامحها والتدريب على لهجة أهل دمنهور، كما يكشف عن خطوة دخوله بوابة الإنتاج من خلال فيلم «من أيام الجيزة» ومشروعه الجديد فيلم «المشروع X» الذي وصفه بأنه تم تنفيذه بمعايير تشبه العالمية، وغيرها من الأمور في السطور القادمة:
ظلم المصطبة ولا عدل المحكمة
• ما السر وراء اسم مسلسل «ظلم المصطبة»، هل كانت لديك معرفة بالمعنى؟
•• الحقيقة لا، لم تكن لدي معرفة عن ما معنى «ظلم المصطبة»، وعندما عُرض عليّ العمل كان اسم المسلسل غريباً بالنسبة لي في البداية، ولكن الاندهاش زال عندما عرفت معنى الاسم ومدى ارتباطه القوي بقصة العمل نفسه والفكرة التي يسلط المسلسل الضوء عليها، كما أنه أتى مع أحد الأمثال الشعبية المصرية الشائعة الذي يقول «ظلم المصطبة ولا عدل المحكمة».
• ما الذي دفعك لتقديم البطولة في مسلسل «ظلم المصطبة»؟
•• المسلسل غريب من نوعه، ومختلف تماماً عن أعمالي السابقة، وموضوعه مُعقد للغاية، فطرح العمل عدة قضايا تهم المجتمع خصوصاً الريف، وفكرة الأحكام أيضاً التي يطلقها المجتمع ضد كل من يقترب من الخطأ حتى لو لم يخطئ، وهذا ظلم كبير، لأن القانون نفسه لا يحاسب عليها.
• ما الذي كان مغريا في شخصية «حسن» عن أدوارك السابقة؟
•• هناك أكثر من سبب في الحقيقية، أولها السيناريو، فمنذ اللحظة الأولى لقراءة النص الخاص به المؤلف المصري أحمد فوزي صالح كان جذابا بالنسبة لي كممثل، ثانياً وجدت الدور مختلفًا تماماً وله أبعاد نفسية تحدٍ بالنسبة لي كممثل، ومن ثم رسمت الدور على الورق وكيف ستكون تصرفاته وطريقة تفكيره والأبعاد النفسية التي مر بها وجعلته بلا حياة أو مشاعر شبه شخص ميت.
كواليس ممتعة
• قدمت العديد من الأدوار المركبة الصعبة في مشوارك.. هل استعانت بأطباء نفسيين؟
•• لم أذهب يوماً لطبيب نفسي كي أتعالج من خروج تأثير الأدوار على حياتي الشخصية، فأنا أرى بأنه يجب على أي ممثل ألاّ يذهب لأطباء نفسيين كي يتعالج لأنه سيقوم بخسارة طاقة الممثل الذي بداخله، ذلك أن كثرة الأدوار المركبة النفسية وتقديمها تساعد الممثل بأن يكون محترفاً، لذلك أتخوف من الذهاب لطبيب نفسي للعلاج كي لا أفقد قدراتي على التمثيل، بالرغم من أنني أرهقت كثيراً من الشخصيات المركبة وأريد التغير لأدوار أخرى.
• شاهدنا مباراة تمثيلية في مشاهد المواجهة بين الأبطال الثلاثة الأساسيين بالعمل.. ماذا عن التحضيرات والكواليس؟
•• الكواليس كانت ممتعة وجميع الممثلين بالعمل أقوياء، سواء فتحي عبدالوهاب أو ريهام عبدالغفور أو بسمة، فكلنا تجمعنا حالة من الانسجام والحماس والتركيز على التفاصيل، فكنا مثل فريق كرة القدم، وهناك كيمياء فنية أيضاً تجمعني مع ريهام عبدالغفور، فهو ليس العمل الفني الأول الذي يجمعنا، بل شاركنا معا في مسلسل «وش وظهر» سابقاً وحقق نجاحاً مميزاً.
• ظهرت عادات وتقاليد قديمة بالعمل مثل عادة البشْعَة.. ماذا عن الصعوبات في ذلك المشهد؟
•• عادة البشْعة ظاهرة موجودة بالفعل في مناطق عربية مختلفة، بما في ذلك الأردن وبنفس الاسم والفكرة، وهي عادة قديمة تستخدم لإثبات البراءة من تهمة ما، حيث يقوم شخص يدعى المُبشع بتسخين قطعة معدنية لدرجة الاحمرار ويطلب من المتهم لعقها، فإن لم يتأذ لسانه اعتبر بريئاً، وتجسيدي لمشهد البشعة كان مغامرة بسبب قرب المسافات ودرجة الحرارة من وجهي، لذلك المشهد كان صعباً للغاية.
زوجتي أحبت المصطبة
• وماذا عن رد فعل زوجتك على شخصيتك في مسلسل ظلم المصطبة؟
•• زوجتي أحبت مسلسل ظلم المصطبة وكانت تتابعه كمشاهد بعيدة عن كونها زوجتي، وكانت تدعمني أثناء الكواليس عندما كنت مرهقاً من ضغط التصوير، وأخبرتني بأن المسلسل جذبها من الحلقة الأولى وهذا أسعدني، كما أنها تحملت انشغالي بالعمل وعدد ساعات التصوير الطويلة.
• هل كانت هناك صعوبة في لهجة «أهل دمنهور» بمسلسل «ظلم المصطبة»؟
•• التأكيد، لم تشكل لهجة أهل دمنهور عائقاً أمامي في التعلم، والتي تميزت بكونها مزيجاً بين اللهجة الفلاحية والقاهرية، وكان التحدي الحقيقي في إيجاد توازن دقيق باللهجة يتضمن التركيز على إيقاع الأداء وليس فقط مرتبطاً بالنطق وتفادي الانزلاق إلى طابع كوميدي، كي يضمن أن اللهجة لا تسرق البريق من الأجواء الأصلية وقصة المسلسل.
• هل تتعمد إثارة الجدل في أعمالك باختيارك لقضايا شائكة؟
•• لا، لم أهتم بأن تكون أعمالي مثيرة للجدل، ولكنني مشغول دائماً في تقديم أفكار عليها خلاف في الرأي ونحتاج لمناقشة جميع الآراء كي نصل لحل واحد فقط، لذلك أبحث دائماً عن القضايا المسكوت عنها ولا بد من تسليط الضوء عليها.
أنا ضد منطق المنافسة
• هل تشغلك فكرة المنافسة بين الأعمال، ما مقياس النجاح بالنسبة لك؟
•• بالعكس، فأنا ضد منطق المنافسة والتقييمات في الأعمال الفنية، لأن النجاح له أشكال كثيرة ولا يقتصر على فكرة تصدر الأعلى مشاهدة، فأحياناً هناك أعمال تحقق نجاحاً عكس المتوقع، وكل عمل له ظروف خاصة مختلفة، لذلك المنافسة منطق أناني، وأتمنى النجاح لكل الأعمال الفنية التي تناقش قضايا تهم الجمهور، ومقياس النجاح بالنسبة لي من رد فعل الجمهور بالشارع.
• ما سبب قلة مشاركتك في تقديم أعمال مسرحية؟
•• أنتظر النص المناسب الذي يجعلني متحمساً للعودة إلى خشبة المسرح مجدداً، إذ عرض عليّ عمل مسرحي خارج المسرح الارتجال بالطبع لا أتردد في الموافقة، وعندما شاركت في تجربة مسرحية «ياما في الجراب يا حاوي» عام 2021، كانت تجربة غنية بداية من كتابة المؤلف بيرم التونسي للسيناريو، والعمل مع الفنان المصري القدير يحيى الفخراني، والتجربة ككل كانت فرصة للتواجد في عمل مسرحي مميز.
حبيبي من أيام الجيزة
• تعود إلى السينما بنشاط فني.. ماذا عن مشاريعك السينمائية القادمة؟
•• أعود إلى السينما بمشروعين مهمين، أولاً فيلم من بطولتي يحمل اسم «من أيام الجيزة»، وأيضاً أشارك في فيلم «المشروع X» مع النجم كريم عبدالعزيز بعد أن تعاونا معاً في فيلم الفيل الأزرق ومسلسل الاختيار، والفيلم سيكون مختلفاً وجديداً بصرياً على السينما المصرية وتم تنفيذه بطريقة تقارب الأجواء العالمية، كما أنني تدربت على مشاهد أكشن كثيرة وتعلمت رياضة الغوض خصيصاً من أجل الدور، وأتمنى أن ينال العمل استحسان الجمهور.
• ماذا عن تجربتك الإنتاجية الأولى من خلال فيلم «من أيام الجيزة»؟
•• بالتأكيد، فيلم من أيام الجيزة يشهد أول تجربة إنتاجية سينمائية بالنسبة لي، وهو عمل كوميدي وأخشى من التجربة لأنني أقدم كوميديا لأول مرة، واستوحيت اسم الفيلم من الجملة الشهيرة «حبيبي من أيام الجيزة» التي وردت في فيلم «عريس من جهة أمنية» بطولة الزعيم عادل إمام، ومن المقرر عرض الفيلم في شهر يوليو القادم بسينمات السعودية.
• هل هناك مشاريع إنتاجية أخرى سواء مصرية أو أردنية تُحلم بتقدميها الفترة القادمة؟
•• نعم، هناك العديد من المشاريع أفكر فيها، ولكن لم أحسم قرارات فيها حتى الآن، وفكرة الإنتاج للمخرجين الشبابيين الجدد تراودني أكثر سواء في مصر أو الأردن، لأن المخرجين الشباب في بداية مشوارهم يكون صعباً على شركات الإنتاج تقبل مشاريعهم خوفاً من المغامرة والخسارة، لذلك سأركز على تقديم فرص لإنتاج أعمال لمخرجين شباب يكون لديهم رؤية مختلفة سواء إخراج أفلام قصيرة أو مسلسلات قصيرة حلقاتها منفصلة متصلة تنافس في السوق.
أخبار ذات صلة
0 تعليق