"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان على غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

يعيش سكان قطاع غزة تحت العدوان الإسرائيلي المُتصاعد، وما يرافقه من غارات، وقصف مدفعي، على جميع أنحاء القطاع، بينما تشتد المجاعة، ويُعاني القطاع الصحي من مخاطر الانهيار.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان وتداعياته، منها مشهد تحت عنوان "اغتيال على سرير العلاج"، ومشهد آخر يُوثق تهالك المعدات الطبية، وآثار ذلك على المنظومة الصحية، ومشهد ثالث يرصد اتساع رقعة الدمار في رفح.

 

اغتيال على سرير العلاج

نفذت قوات الاحتلال عملية اغتيال جديدة، في ساعة مبكرة من فجر أمس، طالت واحداً من أبرز الصحافيين على مستوى قطاع غزة.
ولم يكن قتل الصحافي حسن إصليح غريباً، فقد سبقه أكثر من 200 صحافي قتلوا عمداً من قبل الاحتلال، لكن الغريب والمُستهجن هو الطريقة التي جرى فيها اغتياله وقتله، إذ تعمّد الاحتلال تنفيذ العملية بينما كان إصليح داخل مستشفى ناصر بمحافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، يتلقى العلاج، جراء إصابته في محاولة اغتيال سابقة، نُفذت قبل شهر، ونجا حينها.
وبمجرد سماع دوي الانفجار الكبير داخل مستشفى ناصر، سارع الصحافيون من زملاء حسن بالتوجه إلى غرفته التي كان يُعالج فيها، حتى وجدوه في أنفاسه الأخيرة، وجرى نقله إلى غرفة الاستقبال والطوارئ، حيث أعلن الأطباء استشهاده.
وسادت أجواء من الحزن العميق أوساط الصحافيين، الذين ودّعوا حسن بالدموع والبكاء، وشارك العشرات منهم في تشييع جثمانه.
وأكد صحافيون أن ما حدث هو محاولة قتل للحقيقة، فحسن كان ناشطاً ويعمل على توثيق جرائم الاحتلال على مدار الساعة، ونجح في فضح الاحتلال وانتهاكاته، لذلك أرادوا إسكات صوته.
وأوضح صحافيون، شاركوا في تشييع جثمان زميلهم حسن، أن انتهاكات وجرائم الاحتلال بحق الصحافيين بلغت مداها، ولا أحد يعلم على مَن الدور القادم، فالاحتلال يسعى لجعل قطاع غزة خالياً من الصحافيين، حتى يمنع نقل جرائمه وفظائعه التي يرتكبها بحق المدنيين منذ أكثر من 19 شهراً.
من جهته، وصف مركز "حماية الصحافيين الفلسطينيين"، عملية الاغتيال بأنها "استهداف متعمد لصوت الحقيقة"، مشيراً إلى أن اغتيال إصليح داخل منشأة طبية يُعد خرقاً جسيماً لأحكام القانون الدولي الإنساني، لا سيّما اتفاقيات جنيف الأربع، التي تحظر استهداف المدنيين والكوادر الطبية، وتُلزم أطراف النزاع بحماية العاملين في مجال الصحافة أثناء النزاعات المسلحة.
بدورها، أكدت وزارة الصحة في غزة أن الاستهداف المُتكرر للمستشفيات، وملاحقة الجرحى وقتلهم داخل غرف العلاج، تؤكد تعمّد الاحتلال إلحاق الضرر الأكبر بمنظومة الخدمات الصحية، وتهديد فرص علاج الجرحى والمرضى، حتى على أسرّة المستشفيات.
بينما أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الاستهداف المزدوج للصحافيين والمنشآت الطبية، يُشكّل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تستوجب محاسبة دولية عاجلة أمام المحاكم والهيئات القضائية المختصة، ولا يمكن السكوت عنها أو التعامل معها كأرقام عابرة.

 

تهالك المعدّات الطبية

ما زال القطاع الصحي في غزة يواجه أزمات كبيرة تؤثر على قدرته في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، وتهدّد بكارثة كبيرة.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن المنظومة الصحية في القطاع تهالكت مع استمرار الحصار، وأن الأطباء والطواقم الطبية يستخدمون معدات ومستهلكات طبية كان من المفترض استبدالها منذ مدة.
وأشارت الوزارة إلى أن أقسام العمليات والعناية المُركزة والطوارئ تعمل بمعدات وأدوات طبية مُستهلكة، وأن أصناف مهمة باتت غير متوفرة، بينما ما زالت الأقسام بحاجة عاجلة إلى أجهزة الأشعة المتنقلة، وأجهزة التخدير، وأجهزة طبية تُساعد الطواقم الطبية في التدخلات الطارئة للجرحى.
وبينت الوزارة في غزة أن جراحات تخصصية كالعظام، والأوعية الدموية، والعيون، والجراحة العامة، لا تتوفر لها أرصدة من الآلات الجراحية و"صواني العمليات"، وهذا أدى إلى تأثر الخدمات المُقدمة للمواطنين، كما أن أرصدة الغازات الطبية مثل "ثاني أكسيد الكربون، والأثيلين، والأوكاسيد"، رصيدها صفر.
وأوضحت أن النقص الحاد في الأجهزة الطبية واللوازم العامة، يزيد من مضاعفة الأزمة المُركبّة التي تعاني منها المستشفيات في قطاع غزة، وتعيق عمل الفرق الطبية.
كما أكدت الوزارة أن أقسام المبيت تعاني من عجز كبير في الأسرّة الطبية، والأدوات المساعدة، وعدم توفر أماكن مبيت للجرحى والمرضى.
ومؤخراً امتدت الأزمة لتطال الأقمشة الخاصة بالعمليات، وشراشف الأسرّة، والأكفان، التي بات رصيدها لدى الوزارة صفراً.
كما تأثرت ️إجراءات مكافحة العدوى، وباتت مُهددة جراء نقص أدوات النظافة كالكلور المركّز وأنزيمات الغسيل والملح الخشن البلوري.
ولا يتوفر للطواقم الطبية العاملة على مدار الساعة أي إمدادات وقوائم غذائية.
ومؤخراً أعلن المستشفى الكويتي التخصصي "شفاء فلسطين"، أحد أهم المستشفيات الميدانية في مواصي خان يونس، تقليص خدماته بشكل ملحوظ، بسبب الأزمة المذكورة، ونتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية الأساسية والوقود، واستمرار إغلاق المعابر لأكثر من شهرين متتاليين.
ووفق المستشفى، فإن القرار يأتي نتيجة محدودية الكميات المتوفرة من الأدوية والوقود، وسعياً للحفاظ على الحد الأدنى من تقديم الرعاية الصحية للحالات الطارئة.
وأوضح المستشفى أن الخدمات التي سيتم تقليصها تشمل أقسام العمليات الجراحية، والإسعاف، والمختبر، والأشعة، وأقسام الطوارئ.

 

اتساع رقعة الدمار في رفح

ما زالت آلة الحرب الإسرائيلية تُصعّد عمليات التدمير داخل مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، التي تشهد احتلالاً وحصاراً شاملاً منذ نحو 45 يوماً.
وجاءت حملة التدمير الحالية استكمالاً للحملة الأولى التي بدأت في أيار من العام الماضي، حيث يتركز التدمير والتخريب حالياً في الأحياء الشمالية لمدينة رفح.
ووفق أحدث صور للأقمار الصناعية، التي خرجت من مدينة رفح، فقد مسحت قوات الاحتلال غالبية أحياء المدينة بالكامل، والأحياء التي دمرت كلياً ولم يبق فيها مبانٍ هي: "السلام، والبرازيل، وقشطة، وزعرب، وحجازي، ومخيم يبنا، ومخيم الشعوت"، وجميعها تقع جنوب محافظة رفح، إضافة إلى مخيم الشابورة وحي الزهور، وحي مصبح، وبلدة خربة العدس، والحي الإداري، والحشاش، وبلدة عريبة، وهي أحياء تقع وسط وشمال مدينة رفح.
بينما وصلت نسبة الدمار بين 80 و85%، في أحياء النصر، والجنينة، وتل السلطان، والسعودي، حيث تشهد الأحياء المذكورة استمراراً في عمليات التدمير اليومية، ويُسمع فيها دوي انفجارات هائلة، تنجم عن عمليات نسف، تتم عبر تفخيخ مبانٍ، أو تفجير "روبوتات" مُفخّخة.
وما زال جميع سكان مدينة رفح، البالغ عددهم نحو 270 ألف نسمة، يعيشون خارج المدينة، ويتكدس معظمهم في مواصي خان يونس، في خيام بالية، ويواجهون ظروفاً معيشية قاسية، حيث النقص في الطعام والمياه.
وتُشير التقديرات الرسمية الأولية لبلدية رفح إلى أن نسبة الدمار في المدينة تتجاوز 90%، وقد طال التدمير نحو 18 ألف بناية تحتوي على 40 ألف وحدة سكنية، مدمّرة كلياً أو بشكل بالغ غير قابل للعيش.
وقال الناشط حذيفة لافي: إنه شعر حين غادر رفح، نهاية آذار الماضي، بأنها مغادرة للأبد، وأنه وباقي النازحين لن يعودوا إلى رفح، وما يسير على الأرض يوحي بأن هذا يحدث فعلياً، من خلال إقامة "محور موراج"، وعزل رفح، ومن ثم استكمال تدمير ما تبقى فيها من منازل وبنية تحتية.
وأشار لافي إلى أن الاحتلال عازم على تحويل رفح إلى أرض قاحلة، لا حجر فيها ولا شجر، ويُخطط لضمها والسيطرة عليها، وربما إقامة مستوطنات فيها، وهذا يجعل سكانها يواجهون نزوحاً دائماً، ويُنذر بعيشهم في الخيام لفترات قادمة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق