كشف تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تصاعداً خطيراً في أنشطة الجريمة المنظمة التي تقودها عصابات آسيوية، والتي تُدرّ مليارات الدولارات سنوياً من خلال عمليات احتيال إلكتروني واسعة النطاق، محذراً من أن هذه الشبكات تتوسع بسرعة خارج حدود جنوب شرق آسيا، لتشمل أمريكا الجنوبية وأفريقيا، مُهددة الأمن العالمي والاستقرار الاقتصادي.
ووفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة، تستغل هذه العصابات، التي يُعتقد أنها تضم عشرات الآلاف من العمال المُجبرين على العمل في ظروف قاسية، منصات رقمية مثل تطبيق «تيليغرام» لتنفيذ عمليات احتيال إلكتروني معقدة، تشمل هذه الأنشطة غسل الأموال، الاتجار بالبيانات المسروقة مثل تفاصيل بطاقات الائتمان، وتوزيع أدوات إجرامية مثل برامج التزييف العميق.
وتُقدّر إيرادات هذه الشبكات بما يتراوح بين 27.4 مليار دولار و36.5 مليار دولار سنويا، ما يجعلها واحدة من أكثر التهديدات الإجرامية ربحية في العالم. ويُشير التقرير إلى أن منطقة «المثلث الذهبي» في جنوب شرق آسيا – وهي منطقة تعد تاريخياً مركزاً لتهريب المخدرات – تحولت إلى مركز رئيسي للجرائم الإلكترونية، وفشلت الحملات الأمنية في المنطقة في احتواء هذه الأنشطة، ما سمح لهذه العصابات بتوسيع عملياتها إلى مناطق جديدة مثل أمريكا الجنوبية وأفريقيا، ويُرجّح أن العصابات الصينية، التي تعمل من مجمعات مؤمنة بشدة، تُشرف على جزء كبير من هذه الأنشطة، مستفيدة من ضعف الرقابة على المنصات الرقمية.
وتُعد الجريمة المنظمة العابرة للحدود تحدياً عالمياً متزايداً. ووفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة لعام 2024، بلغ عدد الأشخاص المتعاطين للمخدرات غير المشروعة نحو 292 مليون شخص عالمياً في عام 2022، بزيادة 20% خلال عقد من الزمان. وتُظهر البيانات أن الجريمة المنظمة لا تقتصر على الاتجار بالمخدرات، بل تشمل أنشطة متنوعة مثل الاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين، والجرائم الإلكترونية.
أخبار ذات صلة
في سياق أفريقيا وأمريكا الجنوبية، تُشير إحصاءات مكتب الأمم المتحدة إلى أن هذه المناطق تواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع معدلات الجريمة، فعلى سبيل المثال، سجلت أمريكا الوسطى معدل جرائم قتل يصل إلى 26 ضحية لكل 100 ألف شخص، بينما بلغ المعدل في جنوب أفريقيا 30 ضحية لكل 100 ألف شخص في عام 2012، وتُظهر بيانات أحدث أن الجريمة المنظمة، بما في ذلك الاحتيال الإلكتروني، تُفاقم هذه التحديات، خصوصاً في ظل ضعف أنظمة العدالة الجنائية في بعض الدول.
ويُبرز التقرير أيضاً أن الجرائم الإلكترونية أصبحت أكثر تعقيداً مع تزايد استخدام التكنولوجيا، فعلى سبيل المثال، أشار تقرير سابق لعام 2020 إلى أن الاتجار غير المشروع بالحياة البرية، الذي تُشرف عليه شبكات مماثلة، يُهدد التنوع البيولوجي ويُولد أرباحاً هائلة للعصابات. ويُعتقد أن هذه الشبكات تستفيد من الفجوات في التعاون الدولي لتوسيع نطاق عملياتها.
ويُحذّر مكتب الأمم المتحدة من أن توسع هذه العصابات يُهدد بتقويض التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة. وفي أفريقيا، تُفاقم الجرائم الإلكترونية التحديات المرتبطة بالفقر والهجرة غير الشرعية، بينما تُشكل في أمريكا الجنوبية خطرا إضافيا على الأمن في ظل ارتفاع معدلات العنف المرتبط بالعصابات المحلية. ويُطالب التقرير بتعزيز التعاون الدولي وتطوير أنظمة عدالة جنائية أقوى لمواجهة هذا التهديد.
أخبار متعلقة :