الكويت الاخباري

أزمة الطحين تستنزف جيوب الغزيين وقواهم - الكويت الاخباري

 

كتب عيسى سعد الله:


لا تزال أزمة نفاد الطحين من شمال قطاع غزة تطحن المواطنين وتستنزف جيوبهم وقواهم.
ويتطلب الحصول على بضعة كيلوغرامات من الطحين الإقدام على رحلة خطيرة جداً، قد تكلف صاحبها حياته أو على الأقل الإصابة بعاهة دائمة.
فتبدأ رحلة البحث عن أي شيء يبقيهم على قيد الحياة في حدود الساعة السادسة من مساء كل يوم، حيث يتوجه آلاف المواطنين من كل مناطق مدينة غزة إلى جنوب حي الشيخ عجلين أو ما يسمى الشارع الجديد الذي شقته قوات الاحتلال خلال احتلالها لما كان يعرف سابقاً بمستوطنة "نتساريم" بانتظار وصول شاحنات محملة بالطحين قادمة من معبر كرم أبو سالم.
وعند وصول عدد من هذه الشاحنات إلى المنطقة بين الساعة الواحدة والرابعة فجراً يعترض المواطنون الشاحنات قبل تسلقها والسطو على محتوياتها بالكامل، وسط تدافع وسباق محموم على الظفر بكيس طحين متوسط الحجم.
وبالنظر إلى العدد الكبير الذي يتوجه إلى تلك المنطقة التي لم تسلم من نيران قوات الاحتلال، لا يتمكن الجميع من الحصول على الطحين، ويعود بعضهم بخفي حنين، فيما يظفر البعض الآخر بكيس أو بأكثر.
ودائماً ما يتخلل هذه الأحداث استشهاد وإصابة الكثير من المواطنين بنيران قوات الاحتلال، التي ترافق طائراتها الشاحنات أو من خلال الدبابات التي لا تبعد إلا بضع مئات الأمتار من المكان.
ولا يخلو الهجوم على الشاحنات والاندفاع الكبير والتزاحم الشديد من أحداث مأساوية، تسفر عن قتل وإصابة مواطنين، سواء بسبب التدافع أو من خلال شجارات أو دهس، كما حصل، فجر أمس، عندما دهمت إحدى الشاحنات مجموعة من المواطنين، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، حسبما أفاد شهود عيان.
وفي الوقت الذي يحمّل المواطنون هذه الفئة المسؤولية عن عدم وصول الشاحنات إلى مخازن المؤسسات الأممية، الموكل إليها عملية التوزيع على المواطنين كما كان عليه الحال قبل استئناف الاحتلال للحرب وفرضه الحصار، يحاول الكثير من المواطنين تجاوز حدودهم بالحصول على كيس طحين واحد، والحصول على أكثر من ذلك من أجل بيعه بسعر مرتفع يصل إلى 1500 شيكل للكيس الواحد زنة 25 كيلوغراماً.
ورغم محاولات حثيثة يبذلها بعض العناصر والمجموعات الأمنية لتوزيع الطحين بمعدل كيس واحد على المواطنين في تلك المنطقة، إلا أن الكثير منهم يتحايل عليهم، ويستغل عدم قدرتهم على الانتشار في كل مكان والظفر بأكثر من كيس.
وأثار تكرار ذهاب المواطنين أنفسهم كل يوم إلى المنطقة للحصول على الطحين استياء المواطنين غير القادرين على الوصول، سواء لظروف صحية أو اجتماعية، أو عدم اقتناعهم بهذا الأسلوب والطريقة.
ويطالب هؤلاء بوضع حد لهذه الأفعال السلبية التي تتنافى مع الأخلاق، وتتسبب في تعميق أزمة المجاعة لدى شريحة واسعة أخرى من المواطنين، كما قال المواطن سامي بشير صاحب إعاقة في قدمه.
وأضاف، إذا استمر الحصول على الطحين بهذه الطريقة لن أحصل على شيء، وبالتالي سأموت جوعاً خاصة أنني لا أمتلك ثمن الطحين الذي يتجاوز سعر الكيلو غرام الواحد منه ستين شيكلاً. وتابع، عائلتي تحتاج إلى 2 كغم على الأقل يومياً من الطحين.
وحد هذا الأسلوب من قدرة الشاحنات على الوصول إلى عمق مدينة غزة، وتفريغ حمولتها في مخازن منظمات أممية، ومن ثم توزيعها بشكل عادل على الأسر.
وتسبب هذا الأسلوب في انتشار الفوضى في مناطق متفرقة من المدينة، وقيام مجموعات من المواطنين بسرقة الطحين من العائدين من المنطقة، كما حدث مع المواطن محمود إبراهيم الذي تعرض للسطو من قبل مجموعة من المسلحين بالقرب من دوار الصاروخ في حي الشيخ رضوان، خلال عودته بكيس طحين.
وقال، إنه لم يستطع فعل أي شيء بسبب انهيار قواه بعد سيره لأكثر من سبعة كيلومترات مشياً على الأقدام.
ويفرض الاحتلال حصاراً مشدداً على قطاع غزة، وبشكل خاص على محافظتي غزة والشمال، للشهر الرابع على التوالي، ويمنع حتى اللحظة إدخال أي كمية من المساعدات والمواد الغذائية لها، ما أدى إلى انتشار مجاعة مميتة أودت بحياة المئات وأصابت عشرات الآلاف بأمراض قاتلة بسبب سوء التغذية.

 

أخبار متعلقة :