22 أبريل 2025, 11:25 صباحاً
في دورته الحادية عشرة، التي انطلقت منذ 17 وتستمر حتى 23 إبريل الجاري، يتخذ مهرجان أفلام السعودية، الذي تنظّمه جمعية السينما بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام، من "سينما الهوية" محورًا يعكس تجارب سينمائية تتقاطع فيها الأسئلة الفردية مع التحوّلات الجمعية، وتشتبك فيها الذاكرة مع الحاضر، في سرديات تضع الهوية في مرآة السينما.
المحور يضم 12 فيلمًا من دول عربية وأجنبية، تشكل معًا فسيفساء سردية متعددة المنطلقات، تتراوح بين الروائي والوثائقي، وبين الدرامي والتأملي، مايجعل من "سينما الهوية" منصة تعبّر عن تنوّع الأنساق الثقافية التي تتجسّد على الشاشة.
بين الهروب والتجذّر.. مشاهد تتأمل الذات
تشارك في البرنامج المخرجة الأردنية رند بيروتي بفيلم "هجرة" (Shadows)، حيث تهرب أمّ شابة من بغداد في لحظة تتقاطع فيها الذاكرة مع غريزة البقاء. فيما يخوض فيلم "شيخة" (Chikha)، للمخرجين المغربيين أيوب اليوسفي وزهوة راجي، تساؤلات فتاة في أزمور المغربية حول الموروث والرفض، بينما تقرر بطلة فيلم "على قبر أبي" (On My Father's Grave) للمخرجة الفرنسية جواهين زنطار كسر التقاليد في مراسم دفن والدها، عبر فعل رمزي يقلب المشهد الجنائزي إلى مساحة من المقاومة الصامتة.
ويطرح فيلم "حبيبتي" (Habibti) للمخرج أنطوان ستليه لحظة إنسانية بين أم وابنتها على شرفة باريسية، تنفلت فيها الذكريات من سياقها اليومي. بينما يعاين فيلم "في قاعة الانتظار" (In The Waiting Room) للفلسطيني معتصم طه المسافة الدقيقة بين العناية الطبية والإقصاءالسياسي، من خلال مشهدية مستشفى إسرائيلي يستقبل أمًا عربية.
توترات الهوية في سياقات متباينة
يعرض المخرج البريطاني لويس روز في فيلمه "احتفظ" (Keep) معضلة أخلاقية يواجهها حارس منارة بعد لقائه بلاجئ أفغاني، لتصبح الوحدة مرآةً لأسئلة أوسع عن الآخر. ويصوّر فيلم "برتقالة من يافا" (An Orange From Jaffa) للمخرج الفلسطيني محمد المغني معاناة العبور بين الحواجز، بحثًا عن لقاء مؤجل بين أم وابنها.
أما فيلم "نرجو الاختلاف" (We Beg to Differ) للمخرج الأيرلندي روريبرادلي، فيُغني البرنامج برؤية وثائقية حول مجتمع فرعي في أيرلندا يجد جزاءه في شغف مشترك، في مواجهة قسوة الواقع.
ومن بولندا، يقدم المخرج يان بوجنوفسكي فيلمه "الرقص في الزاوية" (Dancing in the Corner)، حيث تتحوّل الشاشات الملوّنة في زمن ما بعد الشيوعية إلى مرآة باهتة تعكس سؤالاً بصريًا عن حقيقة اللون في واقع رمادي.
تأملات رمزية
في فيلم "دبٌّ يتذكّر" (A Bear Remembers)، يقدّم الثنائي البريطاني زانغ ونايت حكاية صبي يتتبع صوتًا معدنيًا غامضًا يطارد قريته، لتُعيد تسجيلاته إحياء ذكرى دبٍّ كان يجوب التلال، في استحضار رمزي للذاكرة الطفولية والحنين البيئي. بينما يشتبك فيلم "سلالة العنف" (Généalogie de la violence) للمخرج الفرنسي محمد بورويسا مع لحظة بوليسية شديدة الواقعية، حين يتحوّل فحص هوية روتيني إلى مرآة للسلطة والتوتر العرقي في الفضاء العام. أما الفيلم اللبناني "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" (Et si le soleil plongeait dans l'océan des nues) للمخرج وسام شرف، فيستعرض تجربة حارس أمن على الواجهة البحرية لبيروت، يواجه رؤى غامضة مع كل توسّع عمراني يخنق الأفق، في تساؤل شعري حول الرغبة والواقع.
ندوة : "سينما الهوية بين الإبداع والواقع"
وفي امتداد لهذا المحور، يحتضن المهرجان ندوة ثقافية بعنوان "سينما الهوية بين الإبداع والواقع"، عقدت أمس على مسرح سوق الإنتاج. يشارك فيها عدد من صنّاع الأفلام الذين قدّموا تجارب تعبّر عن هوية أصيلة، حيث يناقشون أهمية هذا البُعد في الفيلم كوسيلة لفهم الذات والمجتمع، وتحديات الحفاظ عليه في ظل التغيرات الثقافية والتجارية.
يشارك في الندوة :
المخرج محمد الهليل
المخرج والممثل أيوب اليوسفي
أندرو محسن، رئيس قسم البرمجة في مهرجان الجونة السينمائي
المخرج محمد السلمان
وتُدير الحوار : الإعلامية مها سلطان
هوية تُروى بعدّة لغات
تأتي هذه الأفلام من فلسطين، المغرب، الأردن، فرنسا، بولندا، أيرلندا، والمملكة المتحدة، لتشكّل طيفًا سينمائيًا يعكس تباين التجارب، واتساع تمثيلات الهوية في السينما المعاصرة. عبر "سينما الهوية"، يُعيد المهرجان التشديد على أن الهوية ليست جوابًا جاهزًا، بل سؤال مفتوح… تُطرحه الكاميرا، وتُعيد الصالة تأمله.
أخبار متعلقة :