ومع تسليم الراية لجيل لاحق، يتقدمه حسن جاوة، اتسعت دوائر التأثير، ونشأت بيئة أكثر تقبلاً للفنون، لتصل النهضة الموسيقية إلى ذروتها مع طارق عبدالحكيم ورفاقه الذين أسسوا قواعد الأغنية السعودية الحديثة. ومن خلال تطور البنية التحتية الثقافية وظهور الإذاعة والتلفزيون، تحولت الأغنية السعودية إلى مشروع وطني للهوية، يحمل ملامح المكان وروح الإنسان.
تجلّى هذا المشروع في أصوات حملت الأغنية من المحلية إلى رحاب العربية الواسعة، يقودها طلال مداح، ومحمد عبده، ومن بعدهما عبادي الجوهر، وعبدالمجيد عبدالله، وراشد الماجد، وآخرون، أسهموا في ترسيخ حضور الأغنية السعودية في المحافل والمهرجانات، وإعادة تقديمها بروح عصرية دون أن تفقد أصالتها. وراء تلك الأصوات، وقفت أقلام وألحان صاغت المعنى والجمال، فكان بدر بن عبدالمحسن، وخالد الفيصل، ومحمد العبدالله الفيصل، وإبراهيم خفاجي علامات مضيئة في الكتابة الشعرية، إلى جانب ألحان شكلت وجدان المستمع، أبدعها سراج عمر، وطارق عبدالحكيم، وسامي إحسان، وعمر كدرس، وغيرهم ممن نقلوا الأغنية السعودية إلى مصاف الفنون العربية المؤثرة.
وهكذا، فإن استحضار مسيرة الأغنية السعودية بالتزامن مع هذا اليوم العالمي للموسيقى ليس احتفاءً بالتاريخ بقدر ما هو دعوة للتأمل في إرث صنعته أجيال، ولا يزال يتجدد بأصوات المبدعين، ويعبر عن هوية وطن عرف كيف يطوّع النغم ليكون عنواناً لجماله وحضوره.
أخبار ذات صلة
أخبار متعلقة :