«ساي تيك ديلي»
في خضم الحياة اليومية وانشغالاتها، يميل الكثيرون أحياناً إلى حصر صحة الدماغ، وخاصة الذاكرة، في عوامل بيولوجية بحتة، مثل الوراثة أو التقدم في العمر أو الأمراض العصبية. لكن ما تغفله هذه النظرة هو تأثير العوامل النفسية والاجتماعية، وعلى رأسها الشعور بالرضا والسعادة، فهل يمكن للرفاهية النفسية أن تسهم في حماية الذاكرة مع مرور الزمن. هذا ما تقترحه دراسة علمية حديثة حملت نتائج لافتة للنظر.
الدراسة التي استمرت 16 عاماً، تابعت أكثر من عشرة آلاف شخص تجاوزوا سن الخمسين، ووجدت أن أولئك الذين أبلغوا عن شعور مرتفع بالرفاهية النفسية، من حيث التحكم في الحياة، والاستقلالية، والإحساس بالمعنى، سجلوا أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة على المدى الطويل، واللافت في الأمر أن هذه العلاقة ظلت ثابتة حتى بعد احتساب تأثير عوامل أخرى مثل الاكتئاب، ما يشير إلى أن الشعور بالرضا له أثر مباشر في الوظائف المعرفية، وليس مجرد نتيجة لحالة عقلية جيدة.
كما أوضح الباحثون أن الأشخاص الذين شعروا بأن حياتهم مليئة بالفرص وكانوا قادرين على اتخاذ قراراتهم بحرية، كانت لديهم قدرة أفضل على تذكر الكلمات والمعلومات، سواء على الفور أو بعد مرور وقت، وهذا يشير إلى أن الدماغ يستفيد من الشعور بالمعنى والهدف تماماً كما يستفيد من النوم أو النشاط البدني.
ومن اللافت أن الدراسة لم تجد علاقة عكسية قوية، أي أن الذاكرة الجيدة لم تكن مؤشراً واضحاً على تحسن لاحق في الرفاهية النفسية، وهذا يعزز الفرضية القائلة إن تحسين الحالة النفسية، قد يكون عاملاً وقائياً للذاكرة، وليس العكس. وشدد الباحثون على أهمية هذا الاكتشاف في سياق التحديات الصحية المرتبطة بتقدم السكان في العمر، وارتفاع معدلات الإصابة بالخرف والتدهور العقلي.
توصيات الدراسة لا تقتصر على الملاحظة، بل تتعداها إلى اقتراح تدخلات واقعية يمكن أن تحسن الرفاهية النفسية، مثل التأمل، اليقظة الذهنية، ممارسة الأنشطة الاجتماعية، والنشاط البدني المنتظم، وكل هذه الممارسات، تسهم في حماية الوظائف العقلية، وتأخير أو تقليل خطر التدهور المعرفي مع التقدم في السن.
أخبار متعلقة :