الكويت الاخباري

كنوز تحت الرمال ! - الكويت الاخباري

أعلنت هيئة التراث في التاسع من هذا الشهر عن اكتشاف أثري فريد يُظهر أن أرض المملكة كانت واحة خضراء قبل ملايين ملايين سنة كمنطقة غزيرة الأمطار وكثيفة بالغطاء النباتي والأنهار والبحيرات وترتع في جنباتها أنواع من الحيوانات كالفيلة والزرافات والتماسيح وأفراس النهر. وفي إيضاح مهم، ذكر المدير العام لقطاع الآثار الدكتور عجب العتيبي أن الدراسة كشفت عن أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية يعتمد على الترسبات الكهفية، الذي يُعد أيضًا من أطول السجلات المناخية بالعالم، إذ يغطي فترة زمنية طويلة جدًا تبلغ ثمانية ملايين سنة.

وسط الامتداد الهادئ لصحراء الصمان شمال شرقي المملكة، تتوارى تحت الأرض معالم طبيعية غامضة تُعرف بـ«الدحول»؛ وهي كهوف عميقة وتجاويف صخرية تنفتح في قلب الصحراء، لتكشف عن عالم باطني شديد الغرابة والجمال، و«دحول الصمان» ليست مجرّد تشققات وتجاويف طبيعية في الأرض، بل هي تكوينات جيولوجية تشكّلت عبر آلاف السنين بفعل تفاعلات المياه الجوفية مع الصخور الجيرية، ما أفضى إلى تكوين كهوف متعرجة تمتد لعشرات الأمتار تحت سطح الأرض. ومن أشهرها دحول: أبا الجرفان، أبو عنقة، مريغان، والعيد. وهذه التجاويف لم تنفتح فجأة كما يظن البعض، بل تشكّلت تدريجيًا عبر آلاف السنين حسب الدراسات ونتيجة لعمليات طبيعية بطيئة تعرف بالتجوية الكيميائية، تحديدًا في الصخور الجيرية، ومع تسرب مياه الأمطار إلى باطن الأرض وامتزاجها بثاني أكسيد الكربون، تتم عملية تذويب الحجر الجيري مما يكوّن تجاويف وشقوقًا تحت الأرض تتوسع مع الزمن، وما قد يبدو «انفتاحًا مفاجئًا» للراصدين هو انهيار سقف التجاويف الذي يؤدي إلى ظهور فتحة على سطح الأرض بعد فترات من الأمطار الغزيرة أو الهزات والنشاط الزلزالي البسيط. إذن، الدحول هي نتيجة عملية بطيئة، لكن ظهورها على السطح هو نتاج طويل الأمد لعوامل طبيعية معقّدة وتفاعلات بطيئة داخل طبقات الأرض السفلى.

شارك في الدراسة الأثرية حول هذه الظاهرة الفريدة لدحول الصمان 30 باحثًا من 27 جهة مختلفة محلية ودولية، من أبرزها هيئة التراث، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وجامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، وجامعة جريفيث الأسترالية، وعدة جامعات ومراكز بحثية من دول مختلفة شملت ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية. وكشفت الدراسة العلمية عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض المملكة.

هذا الاكتشاف الأثري، وغيره من المواقع التي لم تكتشف بعد، تسهم بشكل كبير في تعزيز السياحة البيئية المستدامة، وحماية كنوز طبيعية ظلت لقرون أسراراً مدفونة تحت رمال صحراء الجزيرة العربية!

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :