أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، تحذيرًا عاجلاً من أن العالم سيواجه موجات حر «أكثر شدة وتواترًا» في المستقبل نتيجة تفاقم ظاهرة التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية، مؤكدة أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية، الناتج عن زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يؤدي إلى زيادة حدة ومدة هذه الموجات الحرارية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة، البنية التحتية، والنظم البيئية.
وأشارت المنظمة الأممية -في تقرير حديث لها- إلى أن صيف 2025 قد يشهد درجات حرارة تتجاوز المعدلات الطبيعية في مناطق مثل شمال إفريقيا والخليج العربي، حيث سجلت درجات حرارة في السعودية وموريتانيا تجاوزت 45 درجة مئوية خلال مايو الماضي. ووصفت المنظمة موجات الحر بـ«القاتل الصامت»، حيث تتسبب في ارتفاع معدلات الوفيات، خصوصا في المدن التي تعاني من الإجهاد الحراري بسبب التحضر المتزايد وارتفاع درجات الحرارة ليلاً، مما يمنع الجسم من التعافي.
وتُعزى هذه الظاهرة إلى النشاط البشري، خصوصا حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، الذي يزيد من تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، مما يحبس الحرارة ويرفع درجات الحرارة العالمية.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومكتب الأرصاد الجوية البريطاني، قد أدى أكثر من قرن من الاستخدام غير المستدام للطاقة إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مع احتمالية تجاوز 1.5 درجة مئوية بين 2025 و2029 بنسبة 70%.
وتؤثر موجات الحر على الصحة العامة بشكل مباشر، حيث تزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية وضربات الشمس، خصوصا بين الفئات الأكثر ضعفًا مثل كبار السن والأطفال، كما تتسبب في تفاقم الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والجهاز التنفسي. في صيف 2023، تسببت الحرارة الشديدة في أوروبا بوفاة أكثر من 60,000 شخص، وهو رقم قد يكون أعلى بكثير في مناطق أخرى بسبب نقص تسجيل الوفيات المرتبطة بالحرارة.
على الصعيد البيئي، تزيد موجات الحر من مخاطر حرائق الغابات، كما حدث في كندا عام 2023، حيث دمرت حرائق الغابات أكثر من 24.7 مليون هكتار، وهو رقم قياسي، كما تؤدي إلى تفاقم الجفاف وشح المياه، مما يهدد الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، خصوصا في دول مثل العراق التي تعاني من تصحر واسع وانخفاض منسوب الأنهار.
ودعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تعزيز أنظمة الإنذار المبكر ووضع خطط طوارئ وطنية لحماية الأرواح، وأكدت على ضرورة تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي شهدت زيادة بنسبة 50% في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، كما شددت على أهمية الاستعداد المجتمعي من خلال توفير ملاجئ مكيفة، مراقبة التوقعات الجوية، وتجنب التعرض المباشر للشمس.
وقالت كلير ناليس، المتحدثة باسم المنظمة، إن «القبة الحرارية» فوق البحر الأبيض المتوسط تساهم في حبس الحرارة، مما يزيد من تأثير الموجات الحرارية في المناطق الساحلية، وأضافت أننا «نشهد الآن درجات حرارة كانت تظهر عادة في منتصف الصيف، وليس في بداياته».
أخبار ذات صلة
أخبار متعلقة :