كشف علماء الآثار عن نقوش قديمة داخل الهرم الأكبر في مصر، تؤكد هوية بناة هذا الصرح الضخم الذي يعود تاريخه إلى 4500 عام. وتتحدى هذه الاكتشافات الروايات التاريخية التي زعمت أن الهرم شيّده 100,000 عبد على مدى 20 عاماً في نوبات عمل مدتها ثلاثة أشهر.
وأظهرت الاكتشافات الجديدة أن الهرم الأكبر بناه عمال مهرة مدفوعو الأجر، كانوا يعملون بشكل مستمر مع يوم راحة كل 10 أيام.
وقاد عالم المصريات الدكتور زاهي حواس، فريقاً استخدم تقنيات التصوير الحديثة لاستكشاف غرف ضيقة فوق حجرة الملك، حيث عُثر على نقوش لم تُرَ من قبل تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، تركها عمال البناء.
كما اكتشف الفريق مقابر جنوب الهرم تضم رفات عمال مهرة، مزينة بتماثيل تصور العمال وهم ينقلون الحجارة، إلى جانب 21 لقباً هيروغليفياً مثل «مشرف جانب الهرم» و«حرفي».
وأكد الدكتور حواس خلال حلقة من بودكاست «Matt Beall Limitless» أن هذه الاكتشافات تثبت أن بناة الهرم لم يكونوا عبيداً، مشيراً إلى أن العبيد لم يكونوا ليدفنوا في ظل الأهرامات أو يجهزوا مقابرهم للأبدية كما فعل الملوك والملكات.
وكشفت الاكتشافات أيضاً عن طريقة بناء الهرم، حيث تم نقل الحجر الجيري من محجر يبعد 1000 قدم فقط باستخدام منحدر من الحصى والطين، تم العثور على بقاياه جنوب غرب الهرم.
ويستعد الدكتور حواس الآن لقيادة بعثة جديدة، بتمويل من مات بيل، لإرسال روبوت إلى داخل الهرم الأكبر، في أول عملية تنقيب حديثة في الصرح.
ويُعد الهرم الأكبر، الذي بناه الفرعون خوفو خلال الأسرة الرابعة، أكبر الأهرامات المصرية ويقع ضمن هضبة الجيزة بجانب هرمي خفرع ومنقرع وأبو الهول، ولا تزال طرق بنائه ومحاذاته الفلكية الدقيقة وغرضه الحقيقي محاطة بالغموض.
وكانت نقوش اكتُشفت في القرن التاسع عشر داخل الهرم قد أثارت جدلاً حول احتمال تزييفها بعد مئات السنين من بنائه، لكن «حواس» أكد أن النقوش الجديدة، التي عُثر عليها في غرف يصعب الوصول إليها، مكتوبة بأسلوب يصعب تقليده إلا من قبل علماء مصريات مدربين، مما ينفي فرضية التزوير.
وأشار إلى أن بعض الزوار الأوروبيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تركوا أسماءهم محفورة على الحجارة، لكن النقوش الأصلية تعود بوضوح إلى العمال المصريين القدماء.
ومن الاكتشافات المهمة الأخرى، المقابر التي تحتوي على أدوات مثل أدوات الصوان وأحجار الطرق المستخدمة في البناء.
وأوضح «حواس» أن قاعدة الهرم الأكبر نُحتت في الصخر الأساسي بعمق 28 قدماً، مما خلق منصة مستوية من الحجر الصلب. كما تم نقل الحجارة باستخدام زلاجات خشبية عبر الرمال ومنحدرات، تم العثور على بقاياها في موقع يُعرف بـ C2.
وفي موقع شرق الهرم، يكشف الدكتور مارك لينر عن «مدينة العمال»، التي تضم منشآت لتجهيز الأسماك المملحة، ومخبزاً كبيراً، وثكنات، ومستوطنة سكنية.
ونفى «حواس» الأسطورة الشائعة بأن العمال كانوا يأكلون الثوم والبصل والخبز فقط، مشيراً إلى اكتشاف آلاف العظام الحيوانية التي تثبت ذبح 11 بقرة و33 ماعزاً يومياً لإطعام نحو 10,000 عامل.
تتركز الجهود حالياً على استكشاف الفراغ الكبير داخل الهرم، وهو فراغ يمتد لمسافة 100 قدم فوق الممر الكبير، اكتُشف في عام 2017.
ويأمل «حواس» أن يكتشف مقبرة خوفو المفقودة داخل هذا الفراغ باستخدام روبوت صغير بحجم سنتيمتر واحد، يتم تمويله من قبل بيل، ومن المقرر أن تبدأ عملية التنقيب في يناير أو فبراير 2026.
أخبار ذات صلة
أخبار متعلقة :