الكويت الاخباري

خطر الملوحة المتزايدة - الكويت الاخباري

ساينس ألرت

يشهد المحيط المتجمد الجنوبي تغيرات بيئية غير مسبوقة، تعد من أكبر التحولات التي حدثت خلال العقد الأخير، إذ تشير بيانات الأقمار الصناعية إلى ارتفاع ملوحة المياه بشكل متسارع منذ عام 2015، في الوقت الذي يشهد فيه الجليد البحري تراجعاً غير مسبوق.
ما يزيد من القلق هو أن هذه الظاهرة تخالف التوقعات العلمية التقليدية، إذ يفترض أن ذوبان الجليد يؤدي إلى زيادة المياه العذبة في المحيط، ما يقلل من ملوحته، لكن الواقع يكشف عكس ذلك تماماً، حيث تزداد الملوحة، ما يشير إلى أن هناك تغيرات أعمق في النظام البيئي للمحيطات لم نكن نتوقعها.
المياه الأكثر ملوحة تصبح أثقل، وتغوص إلى الأعماق، ما يسهم في دفع المياه الدافئة إلى السطح، وهذا التدفق الحراري من الأعماق إلى السطح يعمل على إذابة الجليد البحري، حتى في فصل الشتاء، ما يجعل من الصعب على الجليد أن يتجدد.
تعد النتائج البيئية لهذه التغيرات كارثية على الحياة البرية والنظم البيئية في القطب الجنوبي، فالجليد البحري لا يشكل مجرد كتلة جليدية، بل هو موطن حيوي لعديد من الأنواع مثل طيور بطريق الإمبراطور، وكذلك أسماك الكريل الصغيرة التي تتغذى على الطحالب تحت الجليد، والتي تشكل أساس السلسلة الغذائية في المحيط الجنوبي، وفقدان هذا الجليد يهدد هذه الأنواع ويزعزع استقرار النظام البيئي بأسره.
علاوة على ذلك، يعمل الجليد كدرع عاكس لأشعة الشمس، وعندما يذوب، تمتص مياه المحيط المزيد من الطاقة الشمسية، ما يسهم في تسريع ظاهرة الاحترار العالمي، وهذا يترتب عليه زيادة شدة العواصف، وذوبان المزيد من الغطاء الجليدي، وبالتالي ارتفاع مستوى سطح البحر، وهو ما يشكل تهديداً حقيقياً للمدن الساحلية حول العالم.
ورغم صعوبة مراقبة هذه المنطقة المظلمة لعدة أشهر في السنة، إلا أن الأقمار الصناعية والروبوتات تحت الماء توفر بيانات دقيقة حول ما يحدث في الوقت الحقيقي، ولكن هذه الجهود تواجه خطر التراجع بسبب تخفيضات محتملة في التمويل، وهو ما يزيد من أهمية الاستمرار في رصد هذه التغيرات.
ما يحدث في القارة القطبية الجنوبية ليس مجرد قضية بيئية محلية، بل هو تهديد عالمي يعيد تشكيل أنظمة الطقس والتيارات البحرية ويؤثر في الحياة على الأرض.

أخبار متعلقة :