كتب خليل الشيخ:
"بدي أتعالج خارج قطاع غزة، بدي حد يركبلي طرف صناعي وأقدر آكل وأكتب وألعب"، هكذا قالت الطفلة سارة الأبرش (عشرة أعوام)، التي فقدت ذراعيها، وأصحبت واحدة من آلاف ذوي الإعاقات خلال الحرب على غزة.
بدت الطفلة "سارة" لا تجيد إمساك الأشياء بقدميها، فهي تجهد نفسها وهي تحاول لمس زجاجة المياه أو استخدام ألعابها، لكنها عبرت عن قوة وتحدّ أمام ما لحق بها من إعاقة جسدية.
خضعت هذه الطفلة، التي فقدت والدها شهيداً أثناء قصف منزل ذويها في بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، قبل عدة أيام، لعدة عمليات جراحية انتهت ببتر كامل لذراعيها اللتين أصيبتا بشظايا وتهتك، لكن تحسناً كبيراً طرأ على حالتها النفسية مكنها من مواجهة التغيير في وضعها الصحي.
وقالت، "أحلم بيوم أسافر فيه على أي بلد، المهم أطلع من غزة وأتعالج وأقدر أركب يدين صناعيتين"، مشيرة إلى أن حلمها أصبح أن تعرف تكتب وتمسك القلم.
وتبتسم "سارة" عندما تبدأ شقيقتها بتسريح شعرها وترتيب ملابسها، معربة عن أملها في أن يتم علاجها وتقوم هي بذات المهمة وبشكل مستقل، كما اعتادت في السنوات العشر الأولى التي مرت من عمرها.
أما الطفلة جود زكي (سبع سنوات) التي تعاني من حروق بالغة في الرأس والكتف والركبة، فتحلم بالسفر إلى الخارج لكي تتلقى العلاج المناسب الذي قد يعيد لها جمالها مستقبلاً.
وذكر مقربون من الطفلة جود أن قوات الاحتلال استهدفت الخيمة التي نامت فيها مع عائلتها بصاروخ من الجو، تسبب باحتراق الخيمة، واستشهاد والديها وشقيقها، بينما تعرضت هي لحروق من الدرجة الثانية، ولا تزال تمكث في مستشفى تابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود" منذ نحو خمسين يوماً.
ويواصل أقرباؤها الذين نجا بعضهم من المحرقة، وآخرون، إرسال مناشدات من أجل الاهتمام بالطفلة اليتيمة، ومحاولة تسفيرها خارج القطاع لكي تتلقى العلاج الذي حتماً سيخفف من الحالة النفسية السيئة التي تعاني منها.
الأم نسرين ماضي، في الأربعينيات من عمرها، تتوسط بنتيها رهف الكبرى وسيلا الصغرى، حيث يرقدن على ثلاثة أسرّة في مستشفى ناصر بخان يونس مبتورات الأطراف، وسط مخاوف من تزايد خطورة إصابتهن وبتر المزيد من أجسادهن.
وقال الأب نضال، "خيمتي وخيام أقاربي تعرضت للقصف في شهر أيار الماضي في المواصي، ما تسبب باستشهاد تسعة من أفراد عائلتي والأقارب، وتحويل البقية إلى معاقين وجرحى، بينما أصبت أنا بشظايا في قدمي".
وأضاف، "القدم اليسرى لزوجتي تعرضت للبتر بسبب التهابات خطيرة لحقت بجرحها، وسط تلميحات من الأطباء ببتر إضافي أكبر في حال لم يتم التئام الجرح"، مشيراً إلى أن الساق اليسرى لابنته رهف (18 عاماً) تم بترها أيضاً حتى الحوض، ولا تزال تعاني من آلام شديدة في كامل جسدها.
وتابع، "أما الطفلة سيلا ذات السبعة أعوام فكانت قد خضعت لبتر إضافي في ساقها اليسرى قبل عدة أيام حتى وصل إلى الحوض"، لافتاً إلى أن الأطباء فشلوا في السيطرة على الالتهابات المدمرة لساقها التي قد تفتك ببقية جسدها الصغير.
وقال، "أنقذوا سيلا وزوجتي وابنتي رهف من هذه الالتهابات في جروحهن التي قد تنذر بفقدان ما تبقى من أجسامهن الضعيفة"، مطالباً بتدخل دولي من أجل تسفيرهن إلى خارج قطاع غزة، وتلقي العلاج المناسب وتركيب أطراف صناعية لهن.
أخبار متعلقة :