الكويت الاخباري

كيف يقود رئيس «مايكروسوفت» ثورة تكنولوجية مع «أوبن إيه آي»؟ - الكويت الاخباري

في عالم يشهد تحولات سريعة بفعل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، يبرز اسم ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، أحد أبرز القادة الذين أعادوا رسم ملامح التكنولوجيا الحديثة.

ومنذ تسلمه منصب القيادة، عام 2014، نقل ناديلا «مايكروسوفت» من مجرد شركة أنظمة تشغيل وتطبيقات مكتبية، إلى قوة عظمى في عالم الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، وشريك استراتيجي لمطوري التقنيات الأكثر طموحاً، وعلى رأسهم شركة «أوبن إيه آي».

تحالف استراتيجي بين الشركتين يشكّل مستقبل التقنية

في مقابلة حديثة نشرتها وكالة «بلومبيرغ»، في مايو/ أيار 2025، كشف ناديلا عن تفاصيل جديدة حول طموحات «مايكروسوفت» في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحديداً حول شراكتها المتطورة مع «أوبن إيه آي»، الشركة التي طورت نماذج لغوية مثل «جي بي تي» و«دال أي».

وهذه الشراكة لم تعد مجرد استثمار مالي، بل تحوّلت إلى تحالف استراتيجي، يعيد تشكيل مستقبل التقنية في المؤسسات والشركات، وحتى الاستخدامات اليومية للأفراد.

شراكة تتجاوز الاستثمار

بدأت العلاقة بين «مايكروسوفت» و«أوبن إيه آي»، عام 2019، عندما ضخت الأولى مليار دولار في الشركة الناشئة، التي كانت تركز آنذاك على تطوير ذكاء اصطناعي عام، يمكنه تنفيذ المهام البشرية المعقدة.

لكن مع مرور الوقت، تعمّقت هذه العلاقة لتشمل تقديم «مايكروسوفت» البنية التحتية السحابية لـ «أوبن إيه آي»، عبر منصة «أزور»، ودمج تقنيات «جي بي تي» في منتجات الشركة الأمريكية الأساسية مثل محرك «بينغ» وتطبيقات «أوفيس»، ضمن ما يُعرف الآن باسم «كوبايلوت».

وفي عام 2023، ضاعفت «مايكروسوفت» التزامها، وضخت استثمارات جديدة، تصل إلى 10 مليارات دولار، لتصبح بذلك الشريك الرئيسي لـ «أوبن إيه آي» في النشر التجاري للتقنيات المتقدمة. وهذا التوسع أتاح لها دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها اليومية، مثل «وورد» و«أكسل» و«آوت لوك»، حيث بات بإمكان المستخدمين الاعتماد على مساعد ذكي، يقوم بإعداد العروض التقديمية وتلخيص المراسلات، وحتى توليد أفكار مبتكرة، بناءً على البيانات المدخلة.

تقارب وتنافس في آنٍ

رغم متانة هذه الشراكة، فإن العلاقة بين الشركتين ليست خالية من التحديات، فقد شهدت الأشهر القليلة الماضية توتراً خفياً بعد ظهور تقارير عن نية «أوبن إيه آي» التوسع بشكل مستقل في بعض المجالات. كما أن بعض موظفي «مايكروسوفت» عبّروا عن قلقهم من أن تصبح الشركة معتمدة بشكل مفرط على تقنيات «أوبن أيه آي»، وهو ما قد يقلل من استقلاليتها في تطوير حلولها الخاصة.

لكن ناديلا ردّ على هذه المخاوف بطريقة هادئة، مؤكداً أن العلاقة مع «أوبن إيه آي» قائمة على التعاون والاحترام المتبادل، وأن شركته تستفيد من هذه الشراكة، لكنها في الوقت ذاته تستثمر في بناء قدراتها الذاتية، سواء من خلال فرق الذكاء الاصطناعي الداخلية، أو من خلال عمليات استحواذ جديدة.

حرب ضد المنافسين

في حديثه مع «بلومبيرغ»، كشف ناديلا عن أن «مايكروسوفت» قامت بإنشاء «غرفة حرب افتراضية»؛ لمراقبة المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصاً بعد بروز شركات صينية مثل «ديب سييك»، التي طورت نماذج لغوية منافسة لـ«تشات جي بي تي».

وأشار ناديلا إلى أن شركته لا ترى المنافسة تهديداً، بل عاملاً تحفيزاً يدفعها لمواصلة الابتكار، مشيراً إلى أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي، يتطلب تكاملاً بين البنية التحتية، والخوارزميات وتجربة المستخدم، وهي عوامل تمتلك «مايكروسوفت» اليد الطولى فيها.

«كوبايلوت» الذكاء الاصطناعي في الخدمة

وواحدة من أبرز نتائج شراكة «مايكروسوفت» مع «أوبن إيه آي» كانت إطلاق تقنية «كوبايلوت»، وهي عبارة عن مساعد ذكي مدمج داخل تطبيقات «مايكروسوفت 365»، يساعد المستخدمين على أداء المهام بطريقة أكثر كفاءة، فبدلاً من قضاء ساعات في إعداد تقارير أو مراجعة بيانات، يمكن الآن للأفراد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، للقيام بهذه المهام بدقة وسرعة.

ولم يقتصر الأمر على الموظفين أو الشركات، بل امتدّت هذه التقنية إلى المؤسسات التعليمية والمجتمعات البحثية، مما فتح آفاقاً جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم والعلوم والصحة.

استحواذات وحضور سوق

أقدمت «مايكروسوفت» مؤخراً على صفقة استحواذ كبيرة على شركة «إتش بي إس أنفستمنت بارتنارز»، في صفقة بقيمة 12 مليار دولار. وهذه الصفقة من المتوقع أن توسع من قدرات الشركة في مجال الأسواق الخاصة، وتربط خدمات الذكاء الاصطناعي مع خدمات التمويل والاستثمار.

رؤية ناديلا للمستقبل

يؤمن ناديلا بأن الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد أداة تقنية، بل سيصبح بنية تحتية معرفية، ستعيد تشكيل جميع القطاعات. ويؤكد أن مهمة «مايكروسوفت» في المرحلة المقبلة هي «دمقرطة الذكاء الاصطناعي»، أي جعله متاحاً للجميع، وليس فقط للنخبة التقنية أو الشركات الكبرى.

ويضيف: «ما نفعله مع «أوبن إيه آي» ليس مجرد منتج أو مشروع، بل هو إعادة تصور لطريقة عمل البشر. نريد أن نُطلق العنان لإمكانات كل فرد ومؤسسة على الكوكب من خلال الذكاء الاصطناعي».

يشار إلى أن «مايكروسوفت» تحت قيادة ناديلا تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، مستفيدة من شراكتها القوية مع «أوبن إيه آي»، ومن موقعها الريادي في سوق الحوسبة السحابية. وبينما يتسارع السباق العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، تظل الشركة لاعباً محورياً يُعيد تعريف كيف نتفاعل مع التكنولوجيا، ويضع حجر الأساس لثورة معرفية جديدة قد تغيّر كل شيء. (بلومبيرغ)

أخبار متعلقة :