كتب محمد الجمل:
واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ورصدت استمرار الجرائم الإسرائيلية، خاصة في مناطق شمال وجنوب القطاع.
ومن بين المشاهد التي وثقتها "الأيام"، مشهد يرصد تقليص مساحة محافظة خان يونس بعد إخلاءات جديدة، ومشهد آخر تحت عنوان: "حي الزيتون.. رائحة الموت تنبعث من تحت الأنقاض"، ومشهد ثالث يرصد تصاعد استهداف خيام النازحين.
تقليص مساحة خان يونس
ما زال العدوان الإسرائيلي يتصاعد بشكل يومي على محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ومعه تتواصل أوامر الإخلاء التي تكررت أكثر من مرة خلال الأيام الماضية.
وفي أحدث موجة إخلاء، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء جديدة امتدت حتى مناطق غرب محافظة خان يونس، وشملت مربعات "107، 108، 109، 110، 111، 112 والجزء الشرقي في بلوك 88"، وهي مناطق تصل حتى حافة منطقة المواصي.
وتضم خارطة الإخلاء الجديدة المربع الذي يقع فيه مستشفى ناصر، وكامل حي الأمل، ومنطقة الضهرة، وصولاً إلى أبراج طيبة، ما يعني أن أكثر من 90% من مساحة خان يونس باتت في دائرة الإخلاء، والسكان مجبرون على الوجود في مساحة ضيّقة للغاية.
ووفق مصادر مطلعة فإن موجة الإخلاء الأخيرة تعتبر الأخطر، كونها لم تترك سوى مساحات صغيرة جداً للمواطنين، الذين باتوا يتكدسون في مواصي خان يونس، وسط ظروف معيشية صعبة.
وقال المواطن خالد عدوان، الذي يقيم في مناطق غرب خان يونس، إنه يعيش ثالث نزوح خلال أقل من شهرين، فبعد إقامته شرق محافظة خان يونس بعد أن نزح من رفح، صدرت أوامر إخلاء جديدة، وانتقل للإقامة في وسطها، ثم لاحقته أوامر النزوح للمرة الثانية قبل نحو 25 يوماً، وانتقل للإقامة في حي الأمل، وقد تفاجأ مؤخراً بأن المربع الذي يُقيم فيه ضمن دائرة الإخلاء الجديدة، ما دفعه للنزوح مرة ثالثة باتجاه المواصي.
وأشار إلى أنه اضطر للإقامة في خيمة شقيقه، فلا يوجد متسع أو مكان يمكن أن يعيش فيه، والوضع في المواصي أصبح كارثياً.
بينما قال المواطن خالد هارون، إنه وبعد التشاور السريع مع عائلته التي تُقيم قرب الحي الياباني، قرروا عدم النزوح، والبقاء في منزلهم وهذا القرار تم اتخاذه بناءً على ثلاثة أمور؛ الأول أنه لم يعد لديهم طاقة للنزوح، ولا مال يمكن من خلاله جلب مركبات نقل، والثاني أن منطقة المواصي باتت مكتظة ولا يوجد فيها متسع، كما أن الموت يلاحق الجميع في غزة، ولا يوجد مكان آمن، والثالث أنه لم يعد للحياة معنى في ظل الحرب، واليأس تملكهم، ويفضلون الموت في المنزل الذي يقيمون فيه على خوض مرارة نزوح جديدة، والبحث عن حياة بائسة هنا أو هناك.
عالقون تحت الأنقاض بحيّ الزيتون
ما زالت محافظة غزة عامة، وأحياء التفاح، والزيتون، والشجاعية، في دائرة النار الإسرائيلية، إذ تتعرض تلك المناطق لعشرات الغارات والهجمات الجوية، والقصف المدفعي العنيف كل يوم.
وأسفرت هذه الغارات عن سقوط مئات الشهداء والجرحى خلال الأيام الماضية، مع وجود عشرات الجثامين تحت الأنقاض، لم تتمكن فرق الإنقاذ من انتشالها حتى الآن.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، أن هناك عشرات العالقين تحت أنقاض مبانٍ دمرها الاحتلال في حي الزيتون، وأن فرق الإنقاذ وطواقم الدفاع المدني ما زالت عاجزة عن الوصول إلى أنقاض تلك المباني في حي الزيتون، إما بسبب صعوبة المنطقة وخطورتها، وتواصل القصف، أو جراء ندرة المعدات وغياب الإمكانات، ونقص الكوادر البشرية.
وبيّن بصل أن الاحتلال يصعّد عدوانه ومجازره كلما تم الحديث عن جهود لوقف النار، والأمور ازدادت سوءاً في الأيام الأخيرة.
وقال: هناك نحو مائة مفقود توجهوا لمحاولة الحصول على مساعدات لم يعودوا، ونحن نواجه أوضاعاً كارثية، ولا نستطيع التحرك والوصول إلى الكثير من المناطق".
وشدد بصل على أن هناك معاناة كبيرة يواجهها القطاع الطبي في غزة، "ولا شيء متوفر هنا وإنما فقط الموت"، وقال: "كل شيء مباح هنا في غزة ونطالب مجدداً بتكثيف الجهود لإنهاء المعاناة الكارثية في القطاع".
بينما أكد مواطنون أن الاحتلال يتعمد استهداف عمارات ومبانٍ متعددة الطوابق، ويقوم بضربها بقنابل وصواريخ كبيرة، وهذا أدى إلى احتجاز العشرات تحت الأنقاض، يعتقد أنهم شهداء، ولم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليهم.
وأشار مواطنون إلى أن رائحة تحلل الجثامين باتت تنبعث من غالبية المباني والمنازل التي جرى استهدافها، خاصة في حي الزيتون، وأن المواطنين هناك عاجزون عن إخراجها.
وإلى جانب الجثامين العالقة تحت الركام، هناك عدد كبير من الضحايا يوجدون في شوارع ومباني أحياء التفاح، والزيتون، والشجاعية، سقطوا بنيران وقذائف الاحتلال لدى محاولتهم الوصول إلى منازلهم، ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم وانتشال الجثامين، بسبب خطورة الوضع هناك.
وارتفع مؤخراً عدد المفقودين في قطاع غزة بشكل كبير، ورغم عدم وجود أرقام دقيقة، إلا أن عددهم يزيد على 13 ألفاً.
تصاعد استهداف خيام النازحين
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً كبيراً في استهداف خيام النازحين، خاصة في منطقة مواصي خان يونس.
ووفق متابعات "الأيام"، فإنه ومنذ عدة أيام تقصف طائرات الاحتلال خيام النازحين في مناطق مواصي خان يونس بشكل مُكثف، وغالبية الغارات تنفذها قوات الاحتلال خلال ساعات الليل، لاسيما بعد الساعة الثانية عشرة، حين يكون الجميع في خيامهم، ما يرفع من عدد الشهداء.
ومنذ الثلاثاء الماضي، لا تمر ليلة دون استهداف بين 3 و5 خيام في مناطق المواصي، ينتج عنها سقوط عشرات الضحايا بين شهيد وجريح.
وذكر المواطن يوسف عثمان أنه لاحظ تصاعداً كبيراً في العدوان على قطاع غزة منذ أكثر من أسبوع، وأن محافظتي غزة وخان يونس في قلب النار، وخيام النازحين باتت أهدافاً مفضلة للاحتلال.
ولفت إلى أنه وفي غضون 3 أيام شنت طائرات الاحتلال غارتين استهدفتا خياماً في محيط المنطقة التي يُقيم فيها في المواصي، وكل غارة تتسبب بكارثة، ليس على صعيد الضحايا فحسب، بل على صعيد ما تُخلّفه من أضرار، فالخيام المصنوعة من قماش لا تحتمل ضغط الانفجار، وأي غارة تُنفذ في مخيمات النازحين، سواء باستخدام صواريخ أو طائرات انتحارية، تؤدي إلى تدمير عشرات الخيام، ويصبح الكثير من العائلات بلا مأوى.
من جهته، قال المواطن أحمد صبح الذي يقطن خيمة في مواصي خان يونس، إن خيام النازحين لطالما كانت هدفاً للاحتلال، لكن في الآونة الأخيرة أصبح هناك نوع من التركيز على الخيام، وتصاعد كبير في قصفها.
وأكد أنه بات يكره الليل، وبمجرد قدومه وهدوء المواصي يبدأ ضجيج طائرات الاستطلاع التي تحلّق فوق الخيام، ثم تبدأ الغارات بشكل متتالٍ.
وأوضح أنه وبعد أن شارك في أكثر من عملية إنقاذ لخيام تعرضت للقصف، فإنه اكتشف أن غالبية الضحايا من النساء والأطفال، الذين يتم تمزيق أجسادهم وحرقها وهم نائمون، حيث يتعمد الاحتلال استخدام أسلحة فتاكة ضد المدنيين.
وأشار إلى أنه بات يحلم بتهدئة قريبة، تحقن الدماء، وتحفظ الأطفال والنساء الأبرياء من جنون وجرائم الاحتلال.
ومنذ نهاية الشهر الماضي صعّد الاحتلال هجماته على قطاع غزة، وارتفع متوسط عدد الشهداء اليومي من 40 - 50 شهيداً يومياً، إلى ما يزيد على 100 شهيد كل يوم، تتركز غالبيتهم في محافظتي غزة وخان يونس.
أخبار متعلقة :