«ساينس ألرت»
لطالما حيرت الأمواج المارقة، أو كما تعرف بالموجات العملاقة المفاجئة، كلاً من البحارة والعلماء على حد سواء، والتي يصل ارتفاعها إلى 20 متراً أو أكثر، تظهر فجأة وسط المحيط، وتختفي في أقل من دقيقة، مخلفة وراءها تساؤلات كثيرة وخطورة بالغة على السفن والمنشآت البحرية.
لكن دراسة حديثة اعتمدت على تحليل بيانات واقعية من منصة نفطية في بحر الشمال على مدى 18 عاماً، تكشف أن هذه الأمواج ليست مجرد حوادث عشوائية، بل تنشأ وفق قوانين طبيعية يمكن تتبعها وفهمها، فبين عامي 2003 و2020، سجلت نحو 27,500 حالة بحرية باستخدام قياسات ليزر عالية التردد من منصة «إيكوفيسك» النفطية، شملت هذه السجلات عواصف كبرى، منها «موجة أندريا» الشهيرة في 2007.
ففي الظروف الطبيعية، تنشأ الأمواج من الرياح التي تهب فوق سطح البحر، فتتحول التموجات الصغيرة تدريجياً إلى موجات أكبر، لكن كيف تتحول هذه الأمواج العادية إلى موجات مارقة مفاجئة وعملاقة، هذا هو السؤال الذي حاول الباحثون الإجابة عنه.
لطالما ارتبطت الأمواج المارقة بنظرية فيزيائية تعرف بـ«عدم الاستقرار المعياري»، والتي تفسر تشكل الموجات من خلال تضخيم طفيف في الحركة داخل بيئة محصورة مثل القنوات، غير أن هذه النظرية لا تصمد عندما نتعامل مع محيط مفتوح مثل بحر الشمال، إذ تأتي الأمواج من اتجاهات متعددة وتنتشر بحرية.
وللتوضيح، تخيل حشداً من المتفرجين يغادرون الملعب بعد مباراة كرة قدم، فإذا كان المخرج عبارة عن ممر طويل وضيق بجدران طويلة، يضطر الناس إلى التحرك في اتجاه واحد، فتلك الجموع الموجودة في الخلف تدفع للأمام، وقد يتسلق البعض فوق الآخرين، ويتراكم بين الجدران المحدودة، وسيشبه هذا التصادم الكارثي موجة مارقة ناجمة عن حبسهم.
وفي المقابل، إذا انفتح مخرج الملعب على ملعب واسع، يمكن للمشاهدين التفرق بحرية في جميع الاتجاهات، إنهم لا يضغطون على بعضهم بعضاً، ويتجنبون الاصطدامات.
كشف التحليل الإحصائي للبيانات، أن السبب الأرجح لتكوّن الموجات المارقة هو ظاهرة تعرف بـ«التداخل البناء»، وتحدث هذه الظاهرة عندما تتلاقى عدة موجات في الوقت والمكان ذاته، فتنضم قممها لتشكيل موجة واحدة ضخمة، ويتضخم هذا التأثير بسبب عدم التناسق الطبيعي للموجات، حيث تكون قممها أكثر حدة من قيعانها، فعند تزامن عدد كاف من الموجات، تخلق لحظة نادرة ترتفع فيها الموجة إلى ضعف أو أكثر من الأمواج المحيطة، ثم تنهار سريعاً بفعل طاقتها الهائلة.
أخبار متعلقة :