الكويت الاخباري

"أوشن كويست" مؤسسة سعودية تُعيد رسم مستقبل استكشاف المحيطات - اخبار الكويت

تم النشر في: 

17 أغسطس 2025, 9:41 صباحاً

في حوار مع الدكتور مارتن فيسبك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة اوشن كويست، صرح بأن أوشن كويست هي مؤسسة سعودية غير ربحية تهدف إلى تسريع عمليات استكشاف أعماق المحيطات، ودعم الابتكارات التقنية وعقد شراكات تسهم في تطوير أبحاث المحيطات متعددة التخصصات بما يعود بالفائدة على البشرية، ويعزز الوعي العام الدولي بعالم المحيطات.

وتركّز المؤسسة على استكشاف الأعماق التي تتجاوز 200 متر، وهي من أكثر المناطق غموضًا وإثارة على كوكب الأرض، مع تركيز خاص على النظم البيئية في البحر الأحمر، والمحيط الهندي، وشمالي وجنوبي المحيط الأطلسي.

كما تُعد الجبال البحرية، وهي براكين مغمورة في أعماق المحيطات، من أبرز السمات الفريدة لتلك الأعماق؛ فهي تشكّل واحات نابضة بالتنوع البيولوجي، وتحتضن مواد وراثية غير مكتشفة، وتؤثر في دوران المياه داخل المحيطات، وقد تسهم في امتصاص الكربون، مما يجعلها عناصر محورية في استقرار المناخ. وعلى الرغم من أهميتها، لا تزال معرفتنا بهذه الجبال محدودة للغاية.

وجدير بالذكر أنه من خلال توظيف تقنيات الاستكشاف البحري العميق، مثل الروبوتات، والابتكار في مجال البيانات، والتوائم الرقمية، إلى جانب بناء شراكات عادلة، تسعى أوشن كويست إلى تسليط الضوء على هذه النظم البيئية المعقدة، وفهم دورها الحيوي ضمن منظومة كوكب الأرض.

الجبال البحرية محور تركيز رئيسي

وتغطي المحيطات حوالي 70% من سطح الأرض، إلا أن معرفتنا بأعماقها ما تزال محدودة نظرًا لاتساعها وصعوبة الوصول إليها. وتولي أوشن كويست اهتمامًا استراتيجيًا بالجبال البحرية، التي تُعد براكين مغمورة تحت البحر وتشكل نحو 5% فقط من أعماق المحيطات، لكنها تؤدي دورًا رئيسيًا في النظام البيئي البحري.

فهي توفّر موائل للتنوع البيولوجي، وتسهم في تنظيم المناخ ودورة الكربون، وتفتح آفاقًا واعدة لاكتشافات طبية محتملة. ومع ذلك، تواجه هذه الجبال تهديدات متزايدة بسبب الصيد الجائر والتدمير، وما يزال معظمها يفتقر إلى الحماية.

تسهم جهود أوشن كويست في وضع أسس علمية لحماية هذه المناطق، عبر جمع بيانات عالية الدقة، وبناء شراكات مع باحثين محليين ودوليين لتأسيس قاعدة معرفية عالمية تدعم التخطيط البيئي وتحقيق اكتشافات علمية جديدة.

وتحمل هذه البيئات إمكانات كبيرة في مجالات مثل الطب الحيوي. وتسعى "أوشن كويست" لاستكشافها وحمايتها من خلال استخدام الروبوتات البحرية، والمسح الرقمي، والتعاون المفتوح، بما يعزز التقدم العلمي ويدعم الاستدامة للأجيال القادمة.

شراكة استراتيجية مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية

ويمنحنا التواجد في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وصولًا مباشرًا إلى مرافق بحثية عالمية المستوى وخبرات متقدمة في علوم البحار. وبصفتنا مؤسسة ناشئة تُركّز على استكشاف أعماق المحيطات، فإن هذا التعاون يُشكل ركيزة أساسية لتسريع وتيرة عملنا، من خلال دعم الأبحاث العلمية وتوسيع نطاق تطبيقات تكنولوجيا أعماق البحار.

كما يُسهم هذا التعاون في دعم بناء القدرات، وهو أحد محاور التزامنا الجوهرية. وتوفر المنظومة الأكاديمية في الجامعة بيئة مثالية لاستضافة البرامج المخصصة للمهنيين الشباب في مجال علوم المحيطات. وقد تجسّد ذلك خلال بعثة "حول أفريقيا"، التي شهدت مشاركة ثلاثة مهنيين سعوديين ضمن برنامج المهنيين الشباب (ECOPs)؛ حيث اكتسبوا خبرة ميدانية عملية، وشاركوا في أبحاث دولية، وعكسوا الدور المتصاعد للكفاءات السعودية في علوم المحيطات على المستوى العالمي.

اتفاقيات دولية تدعم الانطلاقة العالمية

وقد وقّعت أوشن كويست المجموعة الأولى من مذكرات التفاهم مع العديد من المؤسسات الدولية الرائدة، لتكون إطاراً للبعثات المستقبلية المشتركة، التبادل العلمي وتطوير برامج شاملة لأبحاث المحيطات، وشملت أبرز الجهات التي وقّعت مذكرات تفاهم كلاً من مؤسسة الأبحاث الوطني لجنوب افريقيا، المعهد الوطني لأبحاث المحيطات في المملكة المتحدة، المعهد البرازيلي الوطني لأبحاث المحيطات، وجهات أخرى. تشكل هذه الشراكات انطلاقة مهمة في مسيرة أوشن كويست، إذ تضع أساسًا متينًا لتعزيز استكشاف الأعماق، وتوطيد التعاون العلمي، وبناء أرضية مشتركة لانطلاق اكتشافات مستقبلية.

البحر الأحمر: كنز طبيعي ومنظومة بيئية بحرية فريدة

وبما أن مقر أوشن كويست يقع في المملكة العربية السعودية، فإن منطقة البحر الأحمر تحظى بأهمية محورية في رسالة المؤسسة. ويتميز حوض البحر الأحمر بعمقه ودفئه غير المعتاد، إذ تصل درجات الحرارة فيه إلى 20 درجة مئوية، مقارنةً بالمعدل العالمي لأعماق البحار البالغ 4 درجات مئوية. وقد أدت هذه الظروف الفريدة إلى نشوء منظومات بيئية متأقلمة مع درجات أعلى من الحرارة والملوحة، الأمر الذي أكسب المنطقة تميزاً أكبر على الصعيد العلمي.

ونهدف إلى دراسة البحر الأحمر بالمقارنة مع غيره من أحواض المحيطات مثل المحيط الهندي وجنوب المحيط الأطلسي، مما يوفر رؤىً عميقة حول طبيعة استجابة المنظومات الحيوية للبيئات المختلفة. وقد نجحت الأبحاث التي أجرتها العديد من المؤسسات، مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، في إرساء أساسات هامة في هذا الشأن، إلا أن مناطق واسعة من البحر الأحمر ما تزال غير مكتشفة. ولذا فإننا متحمسون في أوشن كويست للإسهام في تعزيز الجهود الرامية إلى فهم هذه المنطقة البحرية الفريدة، مع خطط لإطلاق أولى استكشافاتنا للبحر الأحمر بحلول عام 2026.

نحو مستقبل علمي ومجتمعي أكثر شمولاً

تهدف أوشن كويست إلى أن تصبح قوة دافعة لإعادة تشكيل فهم العالم لأعماق المحيطات وطريقة التفاعل معها. على الصعيد العلمي، نسعى إلى ردم الفجوات في البيانات، خاصة في المناطق غير المستكشفة مثل الجبال البحرية والبحر الأحمر، من خلال الابتكار العلمي، واعتماد منهجية الأبحاث مفتوحة الوصول، وتطوير أدوات مثل التوائم الرقمية. كما نعمل على تعزيز القدرات البحثية الإقليمية، والمساهمة في دعم حوكمة المحيطات المستدامة وتعزيز المرونة المناخية على نطاق عالمي.

أما مجتمعيًا، فنطمح إلى جعل استكشاف أعماق المحيطات أكثر شمولًا، من خلال تمكين العلماء من دول الجنوب العالمي، ودعم المهنيين الشباب، وإلهام الأجيال الجديدة، خاصة في المملكة العربية السعودية، وحثهم على العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

نحن نسعى لبناء إرث قائم على استكشافات أوشن كويست، والفرص التي تقدمها، وشراكاتها المؤثرة، والدور الذي تؤديه في دعم المجتمعات خلال رحلتها.

أخبار متعلقة :