كتب خليل الشيخ:
"هيني طلعتك يابا وراح اطلع بقية خواتي واخوتي من تحت الأنقاض"، بهذه الكلمات قالت رجاء الدهدار في الثلاثينيات من عمرها وهي تلملم عظام والدها قبيل مواراته الثرى.
أمسكت "الدهدار" بجمجمة والدها وصرخت بأنها مصرّة على انتشال رفات بقية أقربائها الشهداء الذين قضوا في قصف جوي استهدف منزل عائلتها في حي التفاح بغزة وبقوا تحت الركام منذ عدة أسابيع.
وأضافت في حديث أمام وسائل الإعلام في مستشفى المعمداني حيث مكان نقل الشهداء والجثامين الذين يتم انتشالهم من تحت الركام أنها نجحت في انتشال جثمان والدها وأنها ستواصل جهودها بمشاركة متطوعين معها في انتشال بقية أفراد أسرتها.
وقدرت مصادر من العائلة وجود نحو 12 شهيداً في منزل العائلة الكائن في حي التفاح فضلاً عن وجود عدد آخر من الشهداء تحت ركام الأبنية والمنازل التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية.
وبينت "الدهدار" التي بدت عصبية وغاضبة على جريمة قتل أفراد عائلتها وهي تخاطب رفات والدها "أوعدك يابا بأني سأريح جثمانك في قبرك وسأعمل على إخراج باقي أشقائي وسنقوم بدفنهم بما يليق بكرامة الشهداء".
وقد أثارت مجموعة العظام والجمجمة التي لُفت بقماش أبيض مشاعر الحزن لدى المتضامنين مع المواطنة "الدهدار" وسط دعوات بالترحم عليه.
يذكر أن قوات الاحتلال التي تراجعت قبيل عدة أيام من حي التفاح خلفت أكواماً كبيرة ومتراصة من ركام المنازل التي دفن نحتها عدد كبير من الشهداء وسط وعود بالعمل على انتشالهم في أقرب وقت.
على الصعيد ذاته قال المسعف محمود باسل المتحدث باسم الدفاع المدني إن أحد المواطنين أحضر بنفسه جمجمتين لشهيدين مجهولي الهوية في حي الشجاعية بالتزامن مع العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال قبل أكثر من شهرين.
وأضاف باسل في لقاء مع الناشطين في مستشفى المعمداني: إن إحدى الجمجمتين تعود لطفل وبدت عليها آثار تشوه جراء تعرضه للقصف، لافتاً إلى أن هاتين الجمجمتين تعودان لشهيدين مفقودين ضمن آلاف المواطنين المصنفين كمفقودين في قطاع غزة والمتوقع أن يكونوا من ضمن الشهداء.
وأوضح أن قوات الاحتلال لم تكن تسمح بنقل الشهداء أثناء تنفيذ العملية العسكرية في حي الشجاعية، مشيراً إلى أن الاحتلال كان يرفض دخول المسعفين لانتشال الشهداء والجرحى والنتيجة كانت تحلل هذه الجثامين وتحولها لرفات دون أي إمكانيات لمعرفة هوياتهم.
على الصعيد ذاته تمكن مسعفون من انتشال جثمان الصحافية مروة مسلم وشقيقيها من تحت أنقاض منزلهم في حي التفاح بغزة بعد تمكن طواقم الدفاع المدني من الوصول إليه عقب تراجع قوات الاحتلال جزئياً.
وكانت عائلة مسلم التي فقد الاتصال معها في مطلع شهر تموز تعرضت لتدمير منزلها جراء قصف مجاور ولم يعرف باستشهادها إلا عقب تراجع قوات الاحتلال من المكان.
وبدت آثار التحلل على الجثامين الثلاثة عقب انتشالها أول من أمس.
وقالت مصادر محلية إنه تم الاستدلال عن مكان وجود الجثامين وسط الركام من خلال رائحتها التي عبقت في المكان وسط حالة من السخط والغضب.
وتستمر جهود المتطوعين والمسعفين في انتشال جثامين ورفات شهداء قضوا في الشوارع والمنازل المستهدفة رغم ما يحيط بالمكان في مخاطر كبيرة.
يشار إلى أن إسرائيل لم تعلن انسحابها من الحي ولم تسمح للمواطنين بالوصول إلى منازلهم في حيي الشجاعية والتفاح وتواصل الإبادة الجماعية في حي الزيتون القريب.
وأبلغت مصادر من الدفاع المدني "الأيام" أن الطواقم لا تتوقف عن انتشال جثامين ورفات الشهداء فور الإبلاغ عن وجودها، مشيرة إلى أن منطقة "نتساريم" شهدت خلال الأيام الماضية انتشال أكثر من 20 شهيداً كانت ملقاة على حواف وادي غزة وفي مناطق متباعدة.
ورجحت المصادر أن غالبية هؤلاء قضوا بسبب إطلاق النار والقذائف المدفعية على منتظري المساعدات.
أخبار متعلقة :