يصف «تأثير راشومون» ميل الشهود أو المشاركين في نفس الأحداث إلى تقديم روايات متناقضة بشكل متبادل لما حدث بسبب ذاتية الذاكرة البشرية وقابليتها للخطأ. وليس بسبب الكذب.
بأبسط صورة الرواية تتناول ماهو ذاتي وموضوعي بأسلوب فني آسر جعل الفيلم والرواية ومخرجها الياباني «كوروساوا» علامة فنية فارقة في القرن العشرين، وطبعًا انتقل المصطلح لعلم النفس وللعلوم الاجتماعية وكثيرًا ما يتم تصوير تأثير راشمون في دنيا الأعمال بصورة فيل يهجم عليه مجموعة من الأشخاص أحدهم يمسك بخرطومه وآخرين بذيله وقدميه وهكذا، كلهم يتعامل مع الجزء المحدد الذي وصل إليه من الفيل دون التعامل معه ككائن مكتمل قائم بذاته، يُؤكّد هذا الأسلوب السردي على فكرة أن الحقيقة ليست مُطلقة، بل تتشكّل من خلال التحيّزات الشخصية والعواطف والتجارب.
كانت هذه التقنية القصصية رائدةً آنذاك، إذ تحدت المفهوم التقليدي للواقع الموضوعي. قدّمت أسلوبًا جديدًا لاستكشاف نفسية الشخصيات وتعقيدات الطبيعة البشرية، حيث لا تكون الحقيقة كيانًا واحدًا ثابتًا، بل هي مجموعة من التجارب الذاتية.
يكتسب تأثير راشومون أهميةً أيضًا في الصحافة والإعلام، حيث قد تعرّض وسائل الإعلام المختلفة القصة نفسها بطرقٍ متباينةٍ للغاية، تبعًا لوجهات نظرها أو أجنداتها. وقد أصبح هذا الأمر ذا أهميةٍ خاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر المعلومات بسرعةٍ وغالبًا ما تكون مُشوّهة، مما يؤدي إلى فهمٍ مُشتّتٍ للواقع
هذا التأثير ذكرني بأطول آية في القرآن الكريم، آية المداينة التي تتحدث عن كتابة الدَّيْن صغيرًا كان المبلغ أو كبيرًا، تأثير راشمون في شهادة الشهود ظهر في قوله تعالى (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).
تضل وليس تكذب.
أخبار ذات صلة
أخبار متعلقة :