كتب خليل الشيخ:
"لفيت على كل الصيدليات ومراكز البيع، فلم أجد أي علبة حليب"، هكذا عبّر الشاب عائد حلس (32 عاماً) عن عجزه عن توفير الحليب المخصص لطفله، الذي لم يتجاوز العام من عمره.
وقال: "آخر علبة حليب فرغت قبل يومين، وصارلي من هذه الفترة وأنا بدور ومش ملاقي"، مشيراً إلى أنه سيحاول إيجاد بديل عن الحليب عبر استخدام النشا أو الحلبة.
وفرغت رفوف الصيدليات ومراكز الإغاثة من علب الحليب المخصص لتغذية الرضع وحديثي الولادة في قطاع غزة، منذ عدة أسابيع، فيما تتهدد المجاعة هؤلاء الذين باتوا بلا غذاء.
وذكر المكتب الإعلامي الحكومي أن الاحتلال يمنع إدخال حليب الأطفال، إلى جانب منع دخول المواد الغذائية إلى القطاع منذ 64 يوماً، ما أدى إلى نفاد مخزون الحليب خلال هذه المدة.
واعتبر المكتب في تقرير أصدره، أمس، أن نفاد الحليب المخصص للرضع جعل نحو 3500 طفل وطفلة قريبين من الموت جوعاً، مؤكداً أن سياسة التجويع الممنهجة التي يمارسها الاحتلال ضد الأطفال والرضع، هي جزء من جريمة الإبادة الجماعية مكتملة الأركان.
وتنتشر في قطاع غزة مجاعة حقيقية نتيجة تشديد الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من شهرين.
لا يتوانى الشاب حلس عن تنفيذ أي نصيحة أو رأي يجعله يعود بمخزون غذائي لطفله، بعد أن عجزت زوجته عن الرضاعة الطبيعية بسبب سوء التغذية الذي تمرّ به.
وقال: "زوجتي تعاني من المجاعة وسوء التغذية، ونتيجة لذلك فقدت حليبها وتمرّ بحالة نفسية سيئة، وطفلي بالكاد يجد القليل من الحليب الذي أخذته من أحد الأصدقاء".
وأشار الطبيب عماد أبو شومر، المتخصص بطب الأطفال، إلى أنه لاحظ عبر إجراء كشوف طبية، أن غالبية الأطفال والرضع يعانون من وضع صحي خطير نتيجة عدم تناول الحلـيب بكمية وفيرة ومناسبة لنموهم.
وبيّن أن استمرار الحصار وصل إلى أمعاء هؤلاء الرضع، في وقت تعاني الأمهات من سوء تغذية، وبالتالي عدم قدرتهن على إرضاع أطفالهن.
وتحدث الطبيب أبو شومر عن نتائج سوء التغذية الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال، والمتمثلة بنقص المناعة واختلال النمو العصبي والإدراكي للطفل.
وأوضحت مصادر محلية متعددة أن الأمهات شرعن باستخدام وسائل بديلة عن حليب الأطفال، مشيرة إلى أن هذه البدائل خطيرة على المدى المنظور ولا توفر مقومات النمو الجسدي والعقلي السليم لهؤلاء الأطفال.
وقالت "أم محمد": "نقوم بتحضير منتج الحلبة عبر غليها بماء نظيف إن وُجد"، مشيرة إلى أن هذه الطريقة قد تكون بديلة لكنها غير مُجدية.
وأضافت: "في بعض الأحيان نقوم بتذويب النشا والماء النظيف وبعض السكر ونطعمه للأطفال بعد الغلي".
من جهتها، أوضحت الأم "سماح" (30 عاماً) أنها تقوم بإرضاع طفلتها البالغة من العمر عاماً وشهرين، لكنها لا تكتفي بذلك، وتحتاج إلى تناول حليب مغذٍ، لافتة إلى أن طفلتها لا تستطيع الوقوف تمهيداً لبدء خطواتها الأولى بسبب سوء التغذية.
وأكدت تقارير وبيانات لمنظمات ومؤسسات إغاثية ودولية تفشي المجاعة بشكل كبير بين الأطفال في قطاع غزة.
وبلغ عدد شهداء المجاعة وسوء التغذية 57، وفق آخر إحصائية أعلنتها مصادر طبية رسمية، أول من أمس.
أخبار متعلقة :