الكويت الاخباري

السعودية وزيارة ترمب.. - الكويت الاخباري

لم يكن غريباً أن يختار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المملكة العربية السعودية كأول دولة يقوم بزيارتها بعد عودته للبيت الأبيض بولاية رئاسية ثانية، فترمب يدرك مكانة المملكة في العالمين العربي والإسلامي وتأثيرها الإيجابي بهذين العالمين، وقدرتها في رسم السلام في منطقة الشرق الأوسط ونهجها في دعم الاستقرار وعملها في بناء الشراكات المتعددة غير المنحازة لطرف، مما جعلها قطباً تقصده الدول لبناء العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية أو الطلب منها للعب دور الوساطة لفك الأزمات بدبلوماسية فاعلة وهادئة.

يمتلك ترمب إيماناً عميقاً بالصداقة القوية التي تربطه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، واصفاً ولي العهد بالقائد العظيم الذي يحظى باحترام في أنحاء العالم كافة، فتجربته خلال ولايته الأولى مع السعودية أعطته هذا الانطباع، إذ وجد أن قيادة المملكة ثابتة في مواقفها وذات رؤية دقيقة للتطورات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، فضلاً أن إدارة ملف السياسة الخارجية حقق نجاحات كبيرة لأزمات استعصت حتى على الأمم المتحدة، وتزامن ذلك مع تحول المملكة لقطب اقتصادي عالمي.

المؤشر على زيارة ترمب للرياض هو حاجته إلى تعزيز موقفه في منطقة الشرق الأوسط وخطته للوصول للسلام؛ لذا تعد المملكة الخيار الأمثل له لتحقيق هذا الهدف، ويريد أيضاً أن يؤكد بهذه الزيارة استمرار العلاقة الاستراتيجية والتحالف بين الرياض وواشنطن وصياغة تصورات مشتركة لملفات تمثّل تحدياً لدول المنطقة والعالم، كذلك فإن ترمب الساعي لإعادة ترتيب المنطقة يجد أن المملكة هي الدولة الأولى التي يجب الحديث معها حول هذا الترتيب والأخذ برؤيتها لأنها الأقرب لتفاصيل الأحداث، وبما أن ترمب يركز بشكل ملفت على منطقة الشرق الأوسط فإنه يؤمن أن العلاقة مع السعودية خلال السنوات الأربع القادمة من ولايته ستكون مهمة لإدارته.

تدرك المملكة أهمية هذا الزيارة من ناحية توقيتها، التي تتزامن مع تصاعد التهديدات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران واحتمال توسعها وتأثيرها على الاستقرار، ومفاوضات الملف النووي ما بين واشنطن وطهران، إذ ستكون داعمة للحلول السياسية، مما يجعل النظر لهذه التطورات ركناً أساساً في طاولة المحادثات بين الرياض وواشنطن، وهذا لا يعني إهمال الملفات الجيوسياسية الأخرى، فالسعودية لن تدخر جهداً في السعي لعقد قمة لقادة دول الخليج العربي، الذي أصبح سياقاً لدبلوماسيتها في مثل هكذا زيارات، والحديث بشكل مبدئي مع ترمب حول القضية الفلسطينية وعدم التراجع عن القرار الذي اتخذته بقيام الدولة الفلسطينية، كذلك ستعمل على دعم التحول في سوريا وتقريب وجهات النظر بين واشنطن ودمشق وبما يعزز استقرار الدول العربية.

بمقابل ذلك ستشهد العلاقة بين الرياض وواشنطن تحولاً كبيراً وستعد المرحلة الذهبية للعلاقة بينهما من خلال توقيع اتفاقات لشراكة اقتصادية واستثمارية طويلة الأمد، لاسيما وأن ترمب يدرك أن السعودية بلد الفرص الاستثمارية الناجحة، واتفاقات في المجالات الأمنية والعسكرية وغيرها من الاتفاقات في كافة القطاعات.

إن الزيارة ستؤسس لمفهوم ونهج جديد في العلاقات الدولية المتكافئة، وأن السعودية أثبتت أن سياساتها الداخلية والخارجية الناجحة هي من جعلتها بهذا الثقل وهذه المكانة الدولية التي أصبحت محفزة للدول الكبرى للعمل معها، فهي لا تريد أن تكون طرفاً في أي من أزمات المنطقة، لكنها مستعدة أن تنخرط بمسار سلام ووساطة بين الأطراف المتصارعة، وهذا ما أعلن عنه ترمب حين قال «إنه سيعمل مع ولي العهد من أجل إعادة السلام إلى المنطقة».

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :