مارك هولبرت *
قد ترتفع قيمة «ألفابت»، أم غوغل، بشكل ملحوظ إذا ما انقسمت إلى شركتين منفصلتين، ما يُلقي بظلال مختلفة تماماً على أحكام مكافحة الاحتكار الأخيرة ضد الشركة.
وحتى الآن، كان رد فعل السوق سلبياً على حكم قاضٍ فيدرالي في 17 إبريل/نيسان بأن «غوغل» انتهكت قانون مكافحة الاحتكار من خلال هيمنتها على سوقين للإعلانات عبر الإنترنت، لتخسر الشركة 24 مليار دولار من قيمتها السوقية، حتى مع ارتفاع سوق الأسهم بشكل عام. وجاء هذا القرار ليفاقم الضغط على الشركة التي تعاني أساساً تبعات حكم سابق صدر بحقها في قضية احتكار مماثلة تعود لأغسطس الماضي. حينها، بلغت الخسارة نحو 85 مليار دولار من القيمة السوقية.
وبالطبع، أشارت «ألفابت» إلى نيتها استئناف هذه القرارات. لكن، لو خسرت القضية في نهاية المطاف، قد يكون تقسيمها إحدى النتائج المحتملة جداً التي ستأمر بها المحاكم المعنية.
ولعل أقرب مثال تاريخي يُقارن باحتمال تقسيم «ألفابت» إلى شركاتها المنفصلة هو تقسيم شركة الاتصالات الأمريكية العريقة «إيه تي آند تي»، أو «إم إيه بيل»، في أوائل الثمانينات إلى سبعة كيانات تُعرف باسم «بيبي بيلز». ووفقاً لتاريخ قضية مكافحة الاحتكار عام 1993، اعتبر رئيس الشركة أن دعوى الحكومة الفيدرالية ضدها هو «كارثة وطنية».
لطالما افترضت الشركة أن نظام الهاتف المتكامل من البداية إلى النهاية، والذي يشمل الهواتف، والأسلاك، وتصنيع المعدات والمفاتيح، وإجراء الأبحاث في مختبرات «بيلز» الشهيرة، هو الطريقة الفعالة لتوفير نظام اتصالات وطني آمن. لكن هذا عُدَّ احتكاراً بمعنى الكلمة، بحسب القضية المرفوعة، وصدر قرار بالتقسيم.
في الواقع، جلب التقسيم الذي فرضته الحكومة الفيدرالية آنذاك معه نجاحاً باهراً ل«إيه تي آند تي»، التي تحررت من هيكلها غير الفعال، واستفادت من ثورتي الإنترنت والاتصالات اللاسلكية الناشئة. ليتفوق أداء محفظة أسهم «بيبي بيلز» السبعة، التي قُسِّمت إليها الشركة، بشكل ملحوظ على مؤشر «إس آند بي» على مدار الخمسة عشر عاماً التي تلت بدء عمليات التداول في نوفمبر 1983. في المقابل، كانت شركة «آي بي إم»، التي نجحت في مقاومة جهد تقسيم موازٍ من الحكومة الفيدرالية، متأخرة كثيراً خلال الفترة نفسها.
وعلى الرغم من أن «إيه تي آند تي» و«آي بي إم»، تمثلان عينة من شركتين فقط، فإن تجاربهما المتباينة في السوق تتوافق مع نظرية «خصم التنويع» المعروفة في التمويل الأكاديمي. ووفقاً لهذه النظرية، فإن القيمة السوقية المتوسطة للشركة المتنوعة ستكون أقل من مجموع أجزائها الفردية.
ومن الأمثلة النموذجية على ذلك «جنرال إلكتريك»، التي كانت واحدة من أكبر التكتلات في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. وتحت قيادة جاك ويلش وجيفري إميلت، استحوذت الشركة على نحو 1000 شركة في قطاعات متنوعة. وليس من المستغرب أن ترتفع قيمتها السوقية بشكل كبير خلال موجة الاستحواذ تلك. ولعدة سنوات مقبلة، كانت تمتلك أكبر قيمة سوقية بين جميع الشركات الأمريكية.
ولكن منذ عام 2004، وهو العام الأخير الذي احتلت فيه المرتبة الأولى في تصنيفات القيمة السوقية، وحتى 2024، عندما انقسمت إلى ثلاث شركات منفصلة، تخلف سهم «جنرال إلكتريك» عن إجمالي عائد مؤشر «ستاندرد آند بورز» بهامش سنوي يتراوح بين 2.5% و9.8%.
ولأن لكل نظرية أو قاعدة استثناء، فمن الممكن أن تتغلب «ألفابت» على الصعوبات التاريخية التي واجهتها الشركات المتنوعة. ومع ذلك، ينبغي للمستثمرين طرح أسئلة معينة عند تقييم آفاق الشركة، وما إذا كان التقسيم سيصبح أمراً فاشلاً. والسؤال الرئيسي هنا: ما مدى ثقتك بأن إدارة «ألفابت» تعرف أكثر من السوق كيفية توزيع رأس المال بين أقسام الشركة المتعددة؟
فكّر في نطاق خطوط الأعمال التي تتبعها أقسام المجموعة الكثيرة. فعلى الرغم من أنها لا تزال تستمد الجزء الأكبر من إيراداتها من إعلانات محركات البحث ومنصة «يوتيوب»، فإنها نوّعت أعمالها في السنوات الأخيرة في الكثير من المجالات الإضافية، كمنصة «فيرلي» المدعومة بالذكاء الاصطناعي لقطاعات الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض، ومختبرات «سايد ووك» للابتكار الحضري، إضافة إلى شركة رأس المال المخاطر «جي في»، وشركة الاستثمار الخاص «كابيتال جي»، والسيارات ذاتية القيادة من «وايمو»، على سبيل المثال لا الحصر.
وتتمتع «ألفابت» اليوم بهيكلية معقدة نوعاً ما، حيث تُنظّم بعض هذه الأقسام كشركات منفصلة مملوكة ل«غوغل»، فيما تمتلك الشركة الأم أقساماً أخرى بشكل منفصل من خلال وحدة «أذر بيتس».
ويتمثل الدرس الاستثماري الأوسع هنا في ضرورة إخضاع المعتقدات الاستثمارية للتدقيق. وهذا مهم بشكل خاص للمعتقدات الأكثر وضوحاً، والتي من المرجح أن نقبلها دون أي شرط. وكما يتضح من نجاح «إيه تي آند تي» بعد خسارتها قضية مكافحة الاحتكار، فإن المستثمرين الذين عاندوا الحكمة التقليدية والتزموا بالشركة حتى بعد تفككها، قد حصلوا في النهاية على مكافأة سخية.
* مؤسس ورئيس موقع «هولبرت فاينانشال دايجست»، ومحلل في الشؤون المالية (بارونز)
أخبار متعلقة :