كتب عيسى سعد الله:
حالَ خلو محافظة شمال غزة من المستشفيات وطواقم الإسعاف والدفاع المدني، دون إنقاذ أرواح عشرات المواطنين المستهدفين بالقصف الإسرائيلي المتواصل على جميع أنحاء المحافظة.
ولعل ما جرى بحق عشرات الأفراد من عائلة دردونة وسط بلدة جباليا النزلة مساء أول من أمس، دليل قاطع على مدى خطورة خلو المحافظة من جميع مقومات الحياة، وإنقاذ الحياة، وبشكل خاص القطاع الصحي وفرق الإنقاذ.
ففي الساعة الثامنة والنصف من مساء أول من أمس، قصفت طائرات الاحتلال بعدة قنابل ثقيلة ومميتة منزلاً مكوناً من أربعة طوابق، يعود لعائلة دردونة في قلب بلدة جباليا، ما أدى الى انهيار المبنى فوق رؤوس ساكنيه، ما استدعى تدخلاً سريعاً وفاعلاً لفرق الدفاع المدني من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح نادت وأطلقت مناشدات من تحت الأنقاض الهائلة، التي لم يستطع عدد من المواطنين رفعها من فوقهم بسبب ضخامتها، وبعد دقائق وصلت فرق من الدفاع المدني والإسعافات الى المكان من الناحية الجنوبية للبلدة، ولكنها سرعان ما غادرت المكان بعد دقائق لعجزها عن القيام بأي فعل بسبب قلة الإمكانات، وخطورة الوضع الأمني كون المنطقة منذرة بالإخلاء من قبل جيش الاحتلال، واستمرار تعرضها للقصف المدفعي والجوي، إضافة إلى تحليق عدد كبير من طائرات "كواد كابتر" المقنبلة والمسلحة فوق المكان على ارتفاعات منخفضة جداً.
كما غادرت طواقم وسيارات الإسعاف المكان متجهة الى المنطقة الجنوبية لتجنب استهدافها.
وترك المستهدفون والمنكوبون أسفل المنزل يواجهون الموت، وما هي الا ساعات قليلة حتى هدأت الأصوات بعد أن فاضت أرواحهم كما أكد عدد من شهود العيان لـ"الأيام".
وقدّرت مصادر عائلية وشهود عيان عدد المحاصرين الشهداء في المنزل بأكثر من سبعين مواطناً، غالبيتهم العظمى من عائلة دردونة وعدد آخر من النازحين.
وفشل عشرات المواطنين، خلال ساعات طويلة من العمل، في إخراج أحد حياً من المكان، وفي المقابل تمكنوا ومع حلول ساعات الصباح من انتشال عشرة جثامين.
وعمدت قوات الاحتلال خلال الأسابيع الأخيرة، وبالتزامن مع بدء عملياتها العسكرية المكثفة في شمال غزة، إلى قصف المستشفيات الثلاثة الموجودة في المحافظة، وإخراجها عن الخدمة بشكل كامل، بعد أن أطبقت حصارها عليها، وبشكل خاص مستشفيات الاندونيسي وكمال عدوان والعودة، كما دمرت معظم سيارات الدفاع المدني والإسعافات.
ويضطر المواطنون الى نقل المصابين من داخل المحافظة الى مناطق أقل خطورة في أحياء مدينة غزة القريبة من المحافظة، خاصة حيي التفاح والشيخ رضوان، حملاً على الأكتاف او على عربات "كارو" تجرها حيوانات، ومن ثم نقلها بواسطة سيارات إسعاف الى مستشفيي الشفاء والمعمداني.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بتدمير القطاع الطبي في المحافظة بل عادت وجففت جميع منابع الحياة فيها، خاصة إمدادات المياه البلدية ومياه الشرب النظيفة، حيث ألغت التنسيقات الخاصة التي كانت تمنحها للمؤسسات الدولية لتوزيع المياه داخلها، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ"الأيام".
ولم يتبق في المحافظة الا عدد قليل جداً من المواطنين، بعد أسبوعين من القصف المكثف وعمليات التوغل والإنذارات اليومية، التي تفعلها قوات الاحتلال يومياً لإخلاء جميع أرجاء المحافظة.
ورغم عدم سيطرة قوات الاحتلال برياً على معظم أنحاء محافظة شمال غزة إلا أنها تسيطر عليها من خلال سلاح الجو، وبشكل خاص المسيرات المسلحة، والمروحيات التي تواصل إطلاق النار على مدار اليوم.
أخبار متعلقة :